نزار المهندس

في كثير من الاحيان نسمع كلمة او مقولة لا نعرف معناها ، ومنها كلمة بطر او بطران ، فلقد طرقت سمعي لاول مرة عام ١٩٥٧ حين كنت في الصف الثاني الابتدائي ، ففي بداية العام الدراسي طلب منا معلم الرياضة ان نحضر معنا ملابس خاصة بممارسة الرياضة ، والتي تتكون من شورت اسود وفانيلة نصف ردن
وحذاء باتا ( أجلكم الله ) ، على ان تكون بحالة جيدة ، فما كان مني الا ان اخبر عائلتي بذلك مع اضافة عبارة ان تكون جديدة ، عندها فقط سمعتهم يقولون ( شكد بطران ) ، للوهلة الاولى لم ادرك معنى ما قيل ، ولكنني تيقنت من ذلك بعد ان اخبروني بان استخدم حاجات اخي الاكبر مني سناً ، كونها اصبحت ضيقة بالنسبة له ، الا انني بادرت بالرد وطلبت ان تكون جديدة ، ليأتي الرد الصاعق ( لا تتبطر ) ، حينها فقط ثبتت تلك المقولة المؤثرة في ذهني ، ولم تغادره الى يومنا هذا ...

ان المعنى الذى اختزنته طويلاً هو ( البطر ) حتى فهمته وقرأت عنه وأدركت أنه ( صفة مذمومة ) كما يصفها المجمع اللغوى ، وعرفت أكثر عن البطر الذي يصيب الشعوب وبعض الناس ، لذلك جاء الوقت المناسب لكي نعض بها من لا يفهم معناها فنقول : يكفيكم تذمر ايها العراقيين ، فكل ما تحتاجونه متوفر ، الماء حتى وان كان غير صالح للشرب ، والكهرباء حتى وان كان تزويدها ساعة واحدة في صيف لاهب ، الامن حتى وان لم يتوفر ويذكر بالاسم فقط ، والامان حتى وان لم تحضوا به يوماً منذ الاحتلال ، الصحة رغم انتشار مختلف الاوبئة والامراض المعدية ، والدواء ولو كان غير فاعل لردائته بالاضافة الى قلته ، التعليم رغم انحطاط مستوياته الى ادنى الحدود ، والثقافة وان كانت مجرد مصطلح شوهت صورته من قبل التافهين ...

قولوا الحمد لله واشكروا نعمته بما ابتليتم ، وتذكروا فضل سياسيي الصدفة عليكم ، وما حققوه لكم من تطور علمي غير مسبوق في فنون اللطم ، ونهضة تنموية يشاد لها بالبنان في اساليب الجهل ، اضافةً الى زراعة وصناعة وسياحة قل نظيرها في افضل دول العالم ، فالاحزاب الحاكمة لم تدخر وسعاً في توفير ما ورد انفاً ( كل ما تحتاجونه ) ، وما كنتم قد حرمتم منه في العهود السابقة ، لذلك رزقنا الله بها لكي تشبعنا مما افتقدناه وكنا نتمناه ، ( شتريدون بعد ايدكم بالدهن ، لا تتبطرون ) ...

وتذكروا ما يقوله اخواننا المصريين «ما تتبطرش على النعمة» ، يكفي ان لديكم نظام ديمقراطي خالي من الفساد ، يترأسه رجال دين اتقياء ، يعرفون مخافة الله ويدعون ليل نهار الى تقواه ، ينشرون العدل ويحقون الحق ولا يرضوا عنه بديلا ، حتى لم يعد في العراق جائع او مظلوم ، فثروات العراق وخيراته توزع بالتساوي على جميع العراقيين دون استثناء او تميز ، لم يعد هنالك من يسكن في العراء او المخيمات ، فحملات الاعمار قائمة على قدم وساق ، حتى وصل الامر الى ان يترك للمواطن حرية الاختيار ، ما بين العيش في قصر او فيلا او ناطحة سحاب ، ولم يعد هنالك طفل امي او جاهل ، فنسبة الذكاء في تصاعد مذهل قياساً بدول العالم الاخرى ...
رحم الله الشيخ الشعراوى حين كان يردد « قل الحمد لله لتصون النعمة ولا يبتليك بالبطر » ...

لله درك ياعراق الشرفاء ...