نضال العضايلة*
تطمح هذه الثورة الشعبية الى الوفاء بما إتخذته شعارا لها «تغيير النهج، واسقاك النظام الطائفي باكمله"، لتتصدر بذلك الانتفاضات العربية في مصر وتونس واليمن والسودان وسوريا، وهي تهدف في المقام الاول، الى متابعة توفير تحولات عميقة في المجتمع اللبناني وتوفير منبر حراكي للتفكير فيها والاجابة على الاسئلة والتحديات التي تطرحها.
تطمح الثورة اللبنانية الى ان تستشرد مقارباتها بمنظار عالمي شامل، ديمقراطي، مدني، ملتزم بعمق بالعدالة الاجتماعية، على اساس قيمتي الحرية والمساواة..
وتفترض هذه الانتفاضة انه لا يزال يوجد مكان للشارع على الرغم من طغيان السلطة وبما يكمّلها ولا يتعارض بالضرورة معها، اذ يملي هذا الافتراض إعادة الاعتبار لمجهود شعبي ليس محكوما بالزائل والمتسرّع وانما بالقلق والجهد اللازمين لإنتاج الوسائل ولسد نواقص في الخطاب اللبناني، فلم تنته التظاهرات كما عول على انتهاءها مبكراً، بل ازدادت قوة وانتشارا مع هيمنة الصوت الشعبي الرافض للسلطة. ولا انتهى دور الفرد اللبناني في إنتاج كل ما هو جديد وتوجيه الممارسة.
نبّهت الانتفاضة الشعبية اللبنانية الى العلاقة الحميمة بين اقتصاديات النيوليبرالية وبين مشكلات البطالة والإفقار وتدهور مستوى معيشة الاكثرية ومستويات الفساد الفلكية، عدا عن كشفها التلازم بين هذه الاقتصاديات والانظمة الاستبدادية، وهي تطمح الى حفز البحث عن موقع لبنان في منظومة الدول الباحثة عن الحرية ودوره فيها واعادة الاعتبار للدولة في تحولاتها وفيما تنطوي عليه من تمييز وتراتب وفوارق اجتماعية مختلفة.
الشارع اللبناني مهتم بنقد السلطة، اي نقد التمثلات والصور السائدة في النظام الحاكم " العهد " ومهمة هذا النقد: ازالته من جذوره من جهة، واعادة الاحترام لمجتمع وصف الى حد قريب بانه مجتمع طائفي، من جهة اخرى، بالإضافة الى معرفة تسمح بالتعاطي والسجال معه على قاعدة المصالح والحقوق والطموحات اللبنانية، ما يعزز القدرة على التحرر الوطني والاجتماعي.
الى هذه المحاور الرئيسة، تطمح «هبة تشرين» :
• التعريف بالنتاج الوفير الذي يصدر عن هذه الهبة الشعبية، خصوصا في الاوساط العالمية بما في ذلك العالم العربي.
• ابراز دور الشباب اللبناني على تعدد طوائفهم، وانتماءاتهم السياسية في التعبير الديمقراطي الحر عن مطالبه المشروعه.
• ترفض الهبة اعتبار المرأة اللبنانية همّ على الثورة، لهذا فإن المرأة اثبتت انها في المقدمة منافحة مدافعة عن مبادئها.
• تعنى الهبة او الثورة او الانتفاضة "جميعها مسميات للحراك الشامل" بكل ما يتعلق بتاريخ لبنان وذاكرته وشهاداته ويومياته وتسجيلات تاريخه الشفوي وسواها.
• في لبنان، إختاروا التركيز على ثقافة الديمقراطية - لأن هذه الثقافة دليل على النمو في الحياة اللبنانية، وعلى الانواع المختلفة من الفئات الشعبية.
والحكم في نهاية الامر هو للشارع اللبناني، الذي نطمح الى علاقة تفاعل وتضامن مستمرة معه، يتكل عليها في تغذية «الثورة» ومؤازرتها بقدر ما تعتمد عليها كمصدر يسهم في تأمين اهدافها.
لم تكن هذه الهبة الشعبية عشوائية، بل جاءت نتيجة لوقوع هذا الشارع تخت ضغوطات لم يعد يقوى على تحملها، فكان لا بد من القيام بحركة شرعية تعيد لهم ما فقدوه على مدار سنوات طويلة مضت.
*كاتب صحفي اردني

0 تعليقات
إرسال تعليق