حيدر ناشي آل دبس

تعرضت الأغنية العراقية في تسعينيات القرن الماضي، وهي ماتسمى بالاغنية التسعينية لهجمة شرسة، من فناني الاجيال التي سبقتها ومن النقاد كذلك، ومازال الكثير يعزو تدهور الأغنية العراقية لفترة التسعينات وبالاخص بعد تأسيس قناة الشباب آنذاك وتعرضها إلى هجمات نقدية عديدة
لكن بعد مراجعة بسيطة لما طُرح في الفترة التسعينية وما سبقها لاحظت إن هذه المرحلة التي حاول الكثير الانتقاص منها، شعرتْ بالعزلة العربية التي بقيّ الغناء العراقي يعاني منها بسبب اللهجة التي أنتهجها السوابق، والتي لم تروّج للأغنية العراقية عربياً، فمهما كانت أسماء التي سبقت المرحلة التسعينية لم يندمجوا عربياً، فحتى الأسماء التي برزت قبل ذلك جاءت من نهج (قومسياسي) أي شراكة العراق في النشاطات الفنية العربية.
لكن في فترة التسعينيات حاولت الأغنية العراقية من الاقتراب العربي بسبب العزلة التي كان يعيشها العراق آنذاك، إلا إن الآلة الاعلامية لم تسعفها، فبقيت حبيسة الإطار الوطني بعيداً عن عمقها العربي، ورغم ذلك ظهرت مئات الاغاني التي تنسجم مع اللهجة العراقية ومعرّفة عربياً، بحيث يستطيع المستمع العربي فهم ما يغنى، على خلاف ما سلف في طبيعة الأغنية العراقية التي أشار إليها الموسيقار محمد عبد الوهاب، في إنها تدور حول فلك نفسها.
إن الانفتاح العربي للأغنية العراقية بدأ منذ عقد التسعينات من القرن الماضي، لكن هذه الاغاني لم تلقى الرواج عربياً، وكما أشرنا سلفاً بسبب العزلة السياسية، لذلك نتمنى إعادة تسجيلها وتوزيعها من قبل ذات المطربين، ليتوهجوا مجدداً بعد أن خفت نجمهم ولاسبابٍ عديدة، إن العشرات من الاغنيات التي تم غناؤها في فترة التسعينات تستحق السماع عربياً، فلابد الترويج لها والعمل على إعادة إنتاجها، لأنها نتاج يعبّر عن مرحلة تاريخية ورؤية ثقافية وإجتماعية لابد من التجاوب معها وقراءتها.