محمد عبد القادر

فتتشابه أيام السنة ، ويتوالى الصباحات والمساءات، ويغمر الدنيا نور الصباح ‘ وما يلبث أن يعقبه ضياء الشمس بأشعته الحارقة ، ومن ثم يأتي الغروب فتأفل الشموس وتتوارى، ويغمرنا الظلام ، وما ان يشتد حتى تبرز لنا النجوم تضئ جانبا منه فتبعث في النفس الطمأنينة ، إذ مازالت الحياة قائمة ، وبينما تسعد الأرواح بذلك الضياء ، إذا برحمة رب العالمين تغمرنا فتبعث لنا القمر هاديا وآخذا بأيادينا . هنا تتحرك مشاعر المحبين والعاشقين ، وتسمو الأرواح ،وتلهج الألسنة بما خلقت من أجله. فمن عاشق لربه يدعوه ساجدا او قائما ، إلى ذو حاجة يطلبها على إستحياء من ربه دونما وسيط ، إلى عاشق يتغزل في محبوبته ، إلى راغب في منصب، أو طامع في جاه، أو آمل في صفقة تدر عليه ربحا.
وتبقى الأم التي لا مطلب لها ولا مطمع لها ، ولاأمل لها ولا رجاء لها سوى أولادها، فتدعو لهذا بالهداية ، ولذلك بأعلى المناصب ، ولهذه بزوج صالح ، ولزوجها بالستر والرزق الحلال ، ناسية نفسها غافلة عن كونها بشر له حق التمني كما الآخرين ، ولكن تلك هي الأم يا سادة كتلة مشاعر متحركة وبوتقة حنان تمشي على الأرض ومزيج من الطيبة والرقة تتحرك بيننا باعثة روح الحب والطمأنينة في البيت . سلوا من فقدوا أمهاتهم أو فقدن أمهاتهن ، أسارت حياتهم على نفس المنوال قبل وفاة الأم؟ أظلت قلوبهم أو قلوبهن عامرة بالطمأنينة كما كانت؟ أشعروا أو شعرن بأنهم عند عودتهم إلى المنزل سيواجهون أما تعنفهم في لين، وتقسو عليهم في عطف ، وتوجههم في حب؟ الإجابة : لا. لأنها هي الأم التي اودع الله تعالى فيها سره.
هلموا إلى أقدام أمهاتكم فقبلوها قبل أن تحرموا هذه النعمة . نعم والله إنها نعمة.