عمر سعد سلمان  
                                            
من اجل ان تفوز في المستقبل، يجب ان تتوقف الشركات عن التنافس فيما بينها، حيث ان الطريقة الوحيدة للتغلب على المنافسة هي التوقف عن محاولة هزيمة المنافسة. ولاستيعاب ذلك، تخيل سوقاً كونية مكونة من نوعين من المحيطات: محيطات حمراء، ومحيطات زرقاء، حيث تمثل المحيطات الحمراء جميع المجالات المتواجدة في عصرنا الحالي أي انها مساحة السوق المعروفة، في حين تمثل المحيطات الزرقاء جميع المجالات التي لم نعرف بوجودها حتى وقتنا هذا، أي انها مساحة السوق المجهولة. 
في المحيطات الحمراء، يتم تحديد حدود الصناعة وتقبلها ويتعارف الجميع على القواعد التنافسية للعبة. في هذه الحالة، تحاول الشركات ان تتفوق على منافسيها لتتمكن من الاستحواذ على حصة أكبر من مطالب السوق الحالية، ومع زيادة مساحات الأسواق ازدحاماً، تقل فرص تحقيق الأرباح او النمو، وتتحول المنتجات الى سلع، وتزيد المنافسة الشرسة من حمرة المحيطات الحمراء. اما المحيطات الزرقاء، فعلى النقيض، تتحدد بمساحات السوق غير المطروقة وابتكار الطلب والفرص المتعلقة بالنمو ذو الربحية العالية. على الرغم من ان بعض المحيطات الزرقاء تنشأ بشكل جيد خارج حدود المجالات الحالية، فان اغلبها ينشأ من داخل المحيطات الحمراء عبر توسعة حدود المجال الحالي، لا توجد منافسة لان قواعد اللعبة ما زالت تنظر من يضعها. 
سيكون من المهم ان تسبح في المحيطات الحمراء عبر التغلب على منافسيك، حيث ان المحيطات الحمراء ستكون دائماً على قدر كبير من الأهمية، كما ستظل حقيقة الحياة في عالم الاعمال، ولكن مع زيادة العرض على الطلب في الكثير من الصناعات، لن تكون المنافسة من اجل الاستحواذ على نسبة من الأسواق المنكمشة، عند الضرورة، كافياً من اجل الحفاظ على الأداء العالي، حيث تحتاج الشركات لان تتخطى المنافسة. ولكي تحصد ارباحاً جديدة وتوفر فرص نمو جديدة، عليها ايضاً ان تنشئ محيطات زرقاء. 
لسوء الحظ، لم يتم وضع خرائط لهذه المحيطات الزرقاء بعد، فقد كان التركيز الرئيسي للعمل الاستراتيجي على مدار السنوات الثلاثين الماضية منصباً على استراتيجيات المحيطات الحمراء القائمة على المنافسة. وكانت النتيجة الفهم الجيد للمنافسة بمهارة في المياه الحمراء، بداية من تحليل البنية الاقتصادية الخفية للمجال الحالي، مروراً باختيار وضع استراتيجي قليل الكلفة او متميز او يمتلك بقعة تركيز، الى مراقبة المنافسين. 
لكن استراتيجية المحيطات الحمراء تتأثر بصورة كبيرة بالاستراتيجية العسكرية التي تركز على مواجهة المنافسين وقتالهم من اجل الاستحواذ على قطعة من الأرض صغيرة المساحة وغير قابلة للتوسع. على النقيض من الحرب، يظهر تاريخ الصناعة لنا ان السوق لم تكن ثابتة المساحة على الاطلاق، حيث ان المحيطات الزرقاء كانت تنشأ بمرور الوقت. ومن اجل التركيز على المحيطات الحمراء، علينا تقبل العوامل المعوقة للحرب-مساحة الأراضي المحدودة والحاجة لهزيمة العدو من اجل النجاح-وانكار القوة التي لا مثيل لها لعالم الاعمال: القدرة على انشاء مساحات سوق جديدة لا يمكن منافستها. 
ويتعجب الناس من كيف ان الشركات تمكنت من مواصلة النمو بقوة وربحية مع الحفاظ على مجموعة متميزة من السمات الاستراتيجية والتشغيلية والتنظيمية. وكان سؤالنا كالاتي: هل هناك شركات متميزة او مثالية دائمة أمكنها ان تتفوق على الأسواق وانشاء المحيطات الزرقاء بصورة دائمة؟ 
يبدو ان اياً من الشركات او الصناعات لا يصلح لأن يكون الوحدة التحليلية المثالية التي يجب استخدامها لدراسة أسباب النمو المربح. فالتحرك الاستراتيجي هو الوحدة التحليلية الصحيحة التي يمكن استخدامها لشرح انشاء المحيطات الزرقاء والأداء العالي المتواصل. وهو الذي أنتج المنتجات والخدمات التي فتحت المجال امام مساحات السوق الجديدة، مع حدوث طفرة كبيرة في الطلب.