محمد فتحي السباعي

الجُورْنَالْجِىٌّ مَحْمَد حسنين هيكل عِنْدَهُ ارْتِباط عَجِيب مع شهر فبراير إذا دخَل مَجال العَمِل الصَحفي في 8 فْبَراير عام 1942 ووُلد أستاذاه وخصماه فيما بعد علي ومصطفى أمين في 8 فبراير 1914 وتوفي علي أمين في 28 فبراير 1976 ونشر هيكل أخر مقالة له كرئيس تحرير الأهرام بعنوان الظلال والبرق في أول فبراير 1974 م ولاقى وجه ربه في 17 فبراير 2016م.
وبالتأكيد لم يكن محمد حسنين هيكل الذي كان لقبه المفضل الجُورْنَالْجِىٌّ صَحَفِيًا عاديًا ليس فقط لقربه من مركز السلطة طوال عهد جمال عبد الناصر وأولى سنوات حكم السادات ولكن أيضًا لأنه جعل الأهرام صحيفةً العرب الأولى كما كان من أوائل الذين أدخلوا المعلومة ضمن المقالة مما جعل مقالته مؤثرة في الرأي العام وكان أشبه بفيلسوف يقود الأمة من خلال الحاكم وليس مجرد كاهن يبحث عن فرعون لفكرة العدالة الاجتماعية على حساب الحرية ودعم استقلال الدول العربية والوحدة ومن المفارقات أن هيكل صاحب مصطلح مراكز القوى والمنظر لفكرة القضاء عليها لكن شهر العسل بينه وبين السادات لم يستمر فكان أن لحق بها وأزف وقت رحيله عن الأهرام في 4 فبراير 1974 م بعد 13 عاما من رئاسة تحريرها وعين عبد القادر حاتم رئيسًا لمجلس الإدارة وخصمه علي أمين العائد من المنفى 9 سنوات مديرا للتحرير وكان هذا بداية حملة الهجوم على من جعل الأهرام قبلة الصحافة العربية وسواء أتفق الناس أو اختلفوا معه فأن أحدا لا يختلف على مكانته في تاريخ الصحافة العربية بعامة والأهرام خاصة إذ يظل الأستاذ مدرسة لها منهج خاص خلاله مرجعا يعرف كيف يكسب المتلقي وكانت المراوغة للوصول إلى الهدف وامتلاك المعلومة سر خلوده كما لا يختلف أحد على أنه مندفعا في محبته وخصوماته فيما يرى أن السادات باع الحلم العربي وأضاع انتصار أكتوبر وأتاح لإسرائيل انتصارا سياسيا يجمل صورتها يؤمن أن إسرائيل لم تنتصر على ناصر لكن على عبد الحكيم عامر ويجعل أبا خالد مسيح العصر فيما تتجلى صورة نقده العنيف للرئيس السادات في كتابه خريف الغضب الذي خرج فيه عن حدود الانتقاد وجعل السادات يهوذا فصار الكتاب نَمُوذجاً لفجور الخصومة لكن يبقى أنه برغم مرور أربع سنوات على رحيله لم يغيب عن دائرة الضوء فما تزال مكانته قائمة في قلوب عشاق صاحبة الجلالة في العالم العربي يتذكرونه بأسلوبه في صياغة المعلومة بالكلمة الرشيقة التي لا تخلو من قوة ومتانة وتدغدغ مشاعر الجماهير ويرى فيه كل من ينادي بالقومية العربية روح فلسفة يوليو والتي تتلخص فيما ترك من مقالات تحمل للأجيال سحر النبوءة وبراءة الأمل.