نضال العضايلة 


مع قرب موعد الانتخابات النيابية والتي حدد موعدها في الصيف المقبل، ضجت المواقع الاجتماعية بالصور الكاريكاتيرية والتدوينات التي تدل في محتواها على استهجان كبير وعدم رضا عن أداء مجلس النواب الحالي وخيارات المشاركة في الانتخابات من المقاطعة يضبطها ويحسمها نوع قانون الانتخابات التي نحن بصدد موضوعها، فإما أن يكون قانوناً عصرياً، أو أن
يكون قانوناً مفصل على مقاس البعض، كذلك الأمر بالنسبة للعملية الانتخابية، هل ستكون نزيهة وشفافية، والمشاركة فيها أداة وخلاص سياسي مُجْدٍ، أو صورية مزيفة مزورة شكلية يجب أن تقاطع لأنها تكرس الفساد والمال السياسي وتفقد الصدق والصراحة مع المواطنين ولا تصنع قرارًا. 

في اغلب دول العالم تتزايد المصالح السياسية والشخصية في الانتخابات، مما قد يؤدي إلى العديد من المشاكل المتعلقة بالنزاهة، بما في ذلك إمكانية حصول ممارسات غير أخلاقية فردية تهدف إلى تغيير نتائج الانتخابات، ومن هنا كانت الحاجة إلى معايير تتعلق بالممارسات الجيدة، والتي يمكن اعتبارها على أنها ممارسات أخلاقية متفق عليها، للحفاظ على نزاهة الانتخابات. 

إلا أن ذلك وحده لا يكفي، إذ يجب أن تستند العملية الانتخابية برمتها إلى قيم ومبادئ الانتخابات النزيهة، والمتكافئة والتنافسية، أما أهم تلك المبادئ فيتمثل في العدل والإنصاف مما يعزز من ثقة الجمهور في العملية الانتخابية ويعمل على ضمان إخضاع الإدارة الانتخابية وموظفيها ومختلف المشاركين في العملية الانتخابية بأية صفة كانت إلى المحاسبة وتحمل مسؤولية أعمالهم، مع ثقتنا الكاملة في بعض القائمين على الهيئة المستقلة للانتخابات. 

بدأنا مؤخراً نسمع عن مبادرات مختلفة لتشكيل قوائم انتخابية تنوي خوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وباعتقادنا هي قوائم انتخابية "موسمية" لا يصلح ان نطلق عليها تسمية قوائم دائمة، فالقائمة الانتخابية، خلافًا للأحزاب السياسية، تعمل فقط في مواسم الانتخابات وهي أقرب إلى نموذج قوائم انتخابات الطلبة في الجامعات والمدارس، (اذا ما استثنينا الجماعة الإسلامية بشقيها)، وقد ترتكز هذه القوائم على الاعتبارات العشائرية، الحمائلية واللوائية في تركيبتها من اجل حشد اكبر ما يمكن من الأصوات دون وجود برنامج سياسي واجتماعي يحدد وجهتها. 
اذا ماذا نريد؟، الانتخاباب شكل من أشكال ممارسة الحرية، وهي ضرروية، ولكن يجب ضمان حريتها ونزاهتها واحترام نتائجها، وهذا يقتضي تحديد وظيفتها بشكل واضح، وهل ستكرس الوضع القائم بقيوده والتزاماته المجحفة أم ستكون في إطار مقاربة جديدة تهدف إلى تغيير المسار، وتشكل تتويجا لعملية إعادة النظر في شكل البرلمان ووظائفه وعلاقته بالسلطة التنفيذية، والسير في طريق قادر على تحقيق أهداف الشعب الأردني في إزالة كافة معيقات العيش الكريم، والقضاء على المشكلات المستعصية في الدولة الاردنية وفي مقدمتها الفساد.

هناك من يقول أن إجراء الإنتخابات بأي شكل وفي أي تاريخ، يجدد الشرعية المتآكلة للبرلمان بشقيه، غافلاً عن أن الديمقراطية وحدها هي التي تناسب الأردنيين في ظل المرحلة التي يعيشونها، مرحلة الحرب ضد الفساد والمحسوبية والفقر والبطالة، وأن اجراء الإنتخابات بدون توفير الحد الأدنى من مستلزماتها، يمكن أن تكون خطوة نحو المجهول أو حتى الجحيم. 

من أراد الإنتخابات فعلاً عليه أن يعمل كل ما يلزم لإنهاء سيطرة القوانين المفصلة أولاً، بحيث يكون التنافس والخلاف في إطار قانون انتخاب عصري يلبى الطموح الديمقراطي، ومن ثم محاصرة المال السياسي الأسود الذي يبلور تشكيلة المجلس ويعيد الكثير من أصحاب رؤوس الأموال الفاشلين إلى المجلس، وبإعتبار هذين الأمرين هما المدخل الوحيد لإجراء الإنتخابات.