سميعة الجنابي

انجبت سيدة لها ولد واحد بنتا ثم توفيت . فكبر وهو يبغضها لأنهُ يعتبرها المَسؤولة عن فقدان امه . حاول والده ثنيه عن هذه الافكار ولكنهُ لم يُفلح . وبعد ان توفي بدأ يضطهدها ويضربها واخيرا حبسها في غرفة على سطح الدار . كانت جميلة وطيبة وشعرها طويل . وفي يوم من الايام وعندما كان في طريقه الى البيت وقريبا منه خرج عليه لصوص يريدون المال .

فصرخ : اختاه انجديني ؟ 
فصاحت عليهم اقتربوا من باب الدار وسأعطيكم ما تريدون . وعندما فعلوا ذلك رمت ضفيرتها الى اخيها وحملته على السطح وانقذتهُ منهُم .
الإخوة والأخوات من أقرب القرابات وهم أَوْلَى الناس بالصلة بعد الآباء والأُمهات . والأخوَّة تكون في الدِّين وفي النَّسَب وفي الرضاع . وكل ما عداها فهي من اختراع الناس ولا اعتبار لها في شرْع الله تعالى . ولأن الذكر أقوى من الأُنثى فكان لهن من الحقوق على إخوانهنَّ ما يُقَوِّي ضَعفهنَّ ويُزيل عجزهنَّ ويوفر الرعاية والحماية . ومَن قرأ رثاءَ الخنساء لأخيها صخر بَانَ له منزلة الأخ في قلب أُخته . وهي قد تُقدِّم أخاها في حال الخطر على زوجها وولدها من شدة مَحبَّتها له ووجْدِها عليه ووفائها لعهْده وحِفْظِها لعِشرته وعدم نسيانها لطفولته فقد ذكَرَ أهلُ السِّيَر أنَّ الحجاج قال لامرأة أَسَر في بعض حروبه زوجَها وابنَها وأخاها : " اختاري واحدًا منهم فقالتْ : الزوج موجود والابن مولود والأخ مفقود أختارُ الأخ فقال الحجاج : عفوتُ عن جماعتهم لحُسْن كلامها ".
ولما قدِمت امرأة إلى مكة تريد الحج وكانت من أجمل النساء فلما ذهبت ترمي الجمار رآها عمر بن أبي ربيعة الشاعر المعروف وكان مغرما ًبالنساء والتغزل بهن فكلمها فلم تجبه . فلما كانت الليلة الثانية تعرّض لها فصاحت به : إليك عني فإني في حرم الله . فَألحّ عليها فخافت من افتضاح أمرها فتركتهُ ورجعت إلى خيمتها وفي الليلة الثالثة قالت لأخيها : أُخرج معي وأرني المناسك .
فلما رأى عمر بن أبي ربيعة أخاها معها مكث في مكانه ولم يتعرّض لها .فضحكت وقالت كلمتها المشهورة :

تعدو الكلاب على من لا أسود له
وتتّقي صولة المستأسد الضاري