عمر سعد سلمان  
                                            
يعتبر ابتكار القيمة هو حجر الزاوية لاستراتيجية المحيطات الزرقاء والتي تركز على ابعاد المنافسين بدلاً من هزيمتهم عبر احداث طفرة في القيمة بالنسبة للمشترين ولشركتك، أي انشاء مساحة جديدة من السوق لا يمكن منافسك فيها. وتضع مقاربة ابتكار القيمة قدراً متساوياً من الأهمية على كل من القيمة
والابتكار، فالقيمة من دون الابتكار تميل الى التركيز على انشاء القيمة بمعدل تصاعدي، أي شيء يحسن من القيمة ولكنه ليس كافياً ليجعلك تتميز عن بقية العاملين في السوق. اما الابتكار من دون قيمة فسيكون منقاداً بالتكنولوجيا، وريادة السوق او استشراف المستقبل، وسيهدف دائماً الى تحقيق أمور تتخطى ما يمكن للمشترين تقبله ودفع أموال مقابله. من المهم ان تميز ابتكار القيمة على انها مضاد الابتكار التكنولوجي وريادة السوق. فالذي يميز الفائزين عن الخاسرين في انشاء المحيطات الزرقاء ليس التقنيات المتقدمة ولا توقيت دخول السوق. فأحياناً ما توجد هذه الأمور ولكنها لا تتواجد في اغلب الأوقات. 
يحدث ابتكار القيمة فقط عندما توفق الشركات بين الابتكار والخدمات والسعر وأوضاع التكلفة، وان فشلت في تثبيت الابتكار بالقيمة بهذه الطريقة، فان المبتكرين التكنولوجيين ورواد الأسواق هم من يضعون البيض الذي تفقسه الشركات الأخرى. 
يعتبر ابتكار القيمة اسلوباً جديداً للتفكير في الاستراتيجيات الناتجة عن انشاء المحيطات الزرقاء وتنفيذها والتحرر من المنافسة. الأمر الأهم هو ان ابتكار القيمة يتحدى احدى أكثر العقائد شيوعاً في الاستراتيجيات القائمة على المنافسة: المبادلة بين القيمة والتكلفة. يعتقد ان الشركات لا يمكنها ان تنشئ قيمة أكبر للعملاء بتكلفة اعلى او انشاء قيمة معقولة بتكلفة منخفضة. في هذه الحالة ترى الاستراتيجية على انها اختيار بين التميز والتكلفة المنخفضة. على النقيض، يسعى أولئك الذين يحاولون انشاء المحيطات الزرقاء لتحقيق التميز والتكلفة المنخفضة في الوقت ذاته. ومن اجل تحقيق القيمة والتكلفة المنخفضة، عليك ان تقاوم المنطق القديم القائم على مراقبة المنافسين في المجالات الحالية والاختيار ما بين التميز وقيادة التكلفة. عندما تحول تركيزك الاستراتيجي من المنافسة الحالية الى البدائل ومن لم يصبحوا عملاء بعد، فأنك تمتلك نظرة متعمقة عن كيفية إعادة تحديد المشكلة التي تركز عليها الصناعة وبالتالي يمكن إعادة انشاء عناصر قيمة المشتري التي ترسخ في حدود الصناعة. اما المنطق الاستراتيجي التقليدي، فعلى النقيض، يدفعك الى تقديم حلول أفضل من حلول منافسيك للمشكلات الحالية التي حددتها صناعتك.  
ولكي يتم كسر العلاقة المتبادلة بين التميز والتكلفة المنخفضة هناك إطار العمل ذو الفعاليات الأربع والذي يرتكز على 4 أسئلة: 
- أي من العوامل التي تأخذها الصناعة على انها امر مسلم به يجب محوها؟ 
- أي من العوامل يجب ان تخفض تحت معايير الصناعة بشكل كبير؟ 
- أي من العوامل يجب ان ترفع فوق معايير الصناعة بشكل كبير؟ 
- أي العوامل التي لم تقدمها الصناعة من قبل ويجب ابتكارها؟ 
يجبرك السؤال الأول على التفكير في محو العوامل التي تنافست عليها الشركات العاملة في مجالك لفترة طويلة، والتي عادة ما كانت تأخذها الشركات على انها امر مسلم به على الرغم من انها لم تعد ذات قيمة او ربما قلت قيمتها. احياناً ما تحدث تغيرات فيما يقدره المشترون، الا ان الشركات التي تركز على مراقبة بعضها بعضاً لا تعمل وفقاً لهذه الاختلافات، او تلاحظها من الأساس. 
يجبرك السؤال الثاني على تحديد ما إذا كانت المنتجات والخدمات قد صممت بصورة مبالغ فيها في خضم السابق لمواكبة المنافسة والتغلب عليها، حيث تراقب الشركات العملاء وترفع تكاليفها دون أرباح إضافية. ويدفعك السؤال الثالث الى الكشف عن التنازلات التي تجبر الصناعة العملاء على القيام بها ومحوها. ويساعدك السؤال الرابع على اكتشاف مصادر جديدة تماماً للقيمة التي يتحصل عليها المشترون وعلى انشاء نوعية جديدة من الطلب وتغيير استراتيجية تسعير الصناعة بأكملها. 
 عبر البحث عن إجابات السؤالين الاولين (عن المحو والتقليل) يمكنك ان تحصل على رؤية متعمقة عن كيفية تخفيض تكاليفك مقارنة بالمنافسين. توصل بحثنا الى ان المديرين نادراً ما يستخدمون طريقة منهجية للبدء في محو وتقليل استثماراتهم في العوامل التي تتنافس عليها الصناعة. وينتج عن هذا زيادة التكلفة وتعقيد نماذج العمل. اما العاملان الاخران، فعلى النقيض، فأنهما يمدانك بالرؤية المتعمقة عن كيفية رفع القيمة التي يتحصل عليها المشتري وابتكار نوعية جديدة من الطلب. يمكن لهذين العاملين معاً ان يسمحا لك بأن تتبع اسلوباً منهجياً في استكشاف كيفية إعادة بناء عناصر القيمة التي يتحصل عليها المشتري عبر الكثير من الصناعات البديلة من اجل تقديم تجربة جديدة تماماً للمشترين، مع الحفاظ في الوقت نفسه، على تكلفتك منخفضة. تحمل فعاليات المحو والابتكار أهمية خاصة، حيث انها تدفع الشركات لتخطي ممارسات تعظيم القيمة بأستخدام عوامل المنافسة الحالية، وتدفع الشركات لتغيير العوامل نفسها مما يقصي قواعد المنافسة الحالية عن اللعبة. 
هناك أداة لأنشاء المحيطات الزرقاء، وهي أداة تحليلية تكميلية لأطار العمل ذي الفعاليات الأربع يطلق عليها اسم شبكة المحو والتقليل والرفع والانشاء. لا تدفع هذه الشبكة الشركات الى طرح الأسئلة الأربعة المتعلقة بإطار العمل ذي الفعاليات الأربع فحسب، بل تدفعها ايضاً للعمل وفقاً للفعاليات الأربع من اجل انشاء منحنى قيمة جديد. من اجل دفع الشركات الى ملء الشبكة بفعاليات المحو والتقليل الى جانب فعاليات الرفع والانشاء، تقدم الشبكة للشركات أربع فوائد بشكل فوري هي: 
- تدفع الشركات للسعي لتحقيق التميز والتكلفة المنخفضة في الوقت ذاته من اجل كسر التنازلات القائمة على قيمة التكلفة. 
- تحذر الشركات التي تركز فقط على فعاليتي الرفع والانشاء وبالتالي ترفع من تكاليفها وعادة ما تبالغ في الافراط في تصميم منتجاتها وخدماتها. الامر الشائع بين الكثير من الشركات. 
- يمكن ان يفهمها المديرون من أي مستوى بسهولة تامة، ما يخلق مستوى عالي من الالتزام بتطبيقها. 
- ان استكمال هذه الشبكة مهمة صعبة، فأنها تحفز الشركات على الفحص الدقيق لكل عامل من العوامل التي تتنافس عليها الصناعة، مما يجعلها تستكشف عدداً كبيراً من الفرضيات غير الظاهرة التي وضعتها خلال المنافسة دون وعي منها.