الشاعر خلف دلف الحديثي


من حيث لا مأوى وروحك مُعْوِله
 .............وسماك خارطة تثير الأسئله
 وخطوطك التعبى محاورها انتهت
..............ويداك قبرة تنادي السلسله
 أقبلت من طرق نسيتُ مكانها
......فأضعت من قلقي اتجاه البوصله
 نحوي أريد ووجهتي مجهولة
........ورؤى الضباب مدائن متوجّله
 ودروبك ازدحمت بجيش جراحها
.........فتكسرت قدمي وظلت مجفله
 ومسار أنفاسي تزاول خنقها
........كفي وتصلب دمعتي المترهّله
 وجفوني انتفخت خزائن خوفها
.....بدم القصيد وغصتي المتجحفله
 كل المسافات البعيدة جئتها
.....هربت فعدتُ لأصبعي كي أُشعله
 تموز مات على سواحل حزنه
.......ونعاه وقتي في النفايا المرسله
 يبتاع من سوق المتاهة ثوبه
....وبرغم شوشرتي حروفي مهمله
 تكتظّ خاصرة البكاء بنزفها
....والأرض مطحنة وروحي موحله
 جوعٌ يدوس على مفاصل ضحكتي
..........وطيور بستاني تطير مكبله
 لا حبة فيها تصيح بجوعها
.....والجوع سخّرَ في الجوانحِ مِعْوله
 وجع عصي الحلّ يكسر هامتي
........وفمي تحاوره شظايا الحمدله
 لي غيمة ألقت سماءُ جراحها
......مطرا وتسكب في كؤوسي البلبله
 لا خبز في شفتي أقيت مواسمي
..........وأشد في خبز الجياع المنقله
 لا ماء يعصمني فأطفئُ غلتي
......والنهر ودّع في الخرائب جدوله
 حتى السواقي أجفلت وتقافزت
.........مستاءة من روحها المتحوّله
 مذ كنت أوّل من أتى لمماته
.........ويدي تبيع إلى الثقاة المسأله
 من أوّل المنفى أزاول خيبتي
...........وأعلم الموتى طريق الولوله
 بعضي يُعرّس في جنازة مأتمي
....وسيوف حلمي في ضلوعي مُوغله
 وإليك ساقتني الحروف لأرتمي
............وجلا ببابك عند أوّل منزله
 حشدُ اشتياقي بي يسوق إلى الورا
...........لا باب يعرفني وبابي مقفله
 أحلام ذاكرة الرجوع تعرقلت
......وغفت على رفّ السنين مؤجله
 وأنا الضحية مذ عشقت تغرّبي
......ألقيت قلبي عند درب المعضله
 أشكو جراحاً أينعت في داخلي
....وضماد موتي بيع في سوقِ الوَلَهْ
 حملته كفاَ كي تذيع خطابه
..........للعارفين بسرّ حلّ الزلزله
 أحيا على أمل بحلّ رموزه
.........لأعود أحيا من جديد لنكمله
 وأشاطر المنفى بضحكة بؤسه
........لتبيع أيتامي رجال المرحله
 مُتقمّصٌ هذا الجنون ومسرحي
.......هجرته شوشرة الهواء المقبله
 مُذْ كانَ هابيلٌ يصارع موته
......ويداه تبحث عن خفايا المشكله
 فجري بميلاد الجراح متوّج
....والجوع داس على حصاهُ تَوَجُّله
 من أيِّما أبدٍ سحيق أبتدي
........وبيادري احترقت بنار القلقله
 هو موتنا المختومُ مكتوب به
............أنّا سنبقى ألسنا متوجّله
 أنا غارق بالبؤس منذ ولادتي
......واليأس ثوبي والدموع المِكْحله
 أنا مَنْ أتيتُ إليّ أوّلَ مَنْ أتى
....وعلى يديّ حملتُ وزْرَ المقصله
 وأعدّ روحي كي افوزَ بخيمةٍ
.....فيها سأزرع من جراجي القنبله
 غلّقتُ ابوابي ولذتُ بمفردي
.....ليكونَ موتي في الاخير محصِّله
 الشاهدون عليّ كلُّ قضاتنا
.........والكل باع لمن يشاءُ موكّله
 رقصوا على موتي وشالوا جثتي
....وعلى صراخ الحزن قصّوا الأمثله
 أنا ذلك الجبارُ أنبتُ بالدّما
......غضبا وأزرعُ من جراحي سُنبله
 انا ذلك الموّال في ثغر الندا
.....أسمو وأمنحُ خير زرعي الأرمله
 إنْ قلتُ قلتُ أنا العراق نبوءةً
.........لا لن تظلّ بي الحياةُ معطّله