زمرد المحمود
النوع الإجتماعي هو أحد المصطلحات السسيولوجية (الاجتماعية) يعرف باللغة الإنجليزية الجندر، بدأ هذا المصطلح في الانتشار في القرن التاسع عشر من خلال ثلاث موجات نسوية التوجه في أمريكا الشمالية ثم انتقلت إلى أوروبا، أما بالنسبة للوطن العربي بدأ بالظهور في الثماننيات والتسعينيات من القرن الماضي.
ظهر مصطلح الجندر في مؤتمر القاهرة للسكان عام 1994 بمعنى النوع أو الجنس، ثم عاد هذا المصطلح للظهور في مؤتمر بكين في عام 1995، ويقصد به الخصائص والأدوار المحددة اجتماعياً للرجال والنساء، فما تقوم به النساء في مجتمع ما قد يقوم به الرجال في مجتمع آخر، كما جاء في مجلة الدراسات الثقافية واللغوية الفنية برلين، فالقضايا التي يعنى بها مفهوم النوع الاجتماعي لا تهتم بالمرأة فقط بل تهتم أيضا بالرجل، من حيث أدوارمها الاجتماعية والعالقة بينهما، يرتكز على مفاهيم المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة، العدالة وتكافؤ الفرص، التمكين وتكامل الأدوار.
أولى محاولات الضبط العلمي لمفهوم النوع الاجتماعي كانت من خلال عالمة الاجتماع النسوية ( آن أواكلي)، وفي عام 1972 عرفت النوع الاجتماعي على النحو الآتي: تحيل كلمة جنس على الفوارق البيولوجية بين الذكور والإناث، وإلى الفرق الظاهر بين الأعضاء الجنسية، إلى الفروق في ارتباطها بوظيفة الإنجاب، أما النوع فإنه معطى ثقافي، فهو يحيل إلى التصنيف الاجتماعي وترتيبه المذكر والمؤنث، وإن هذه الأخيره تشمل على حد تعبيرها التصنيف الاجتماعي الذكوري والأنثوي، وعلينا تبني الإقرار بثبات الجنس مؤشراً يحيل إلى الفروق البيولوجية بين الذكور والإناث ويحمل مفهوم النوع في دلالاته الإجرائية إشارة للخصائص والصفات المرتبطة بالجنس، كما تترجم عنها وتفرزها ثقافة المجتمع وقنواته الخاصة بالتنشئة.
يلاقي هذا المصطلح خلافات دائماً فإن العديد منا يخطأ بينه وبين الجنس أو النوع البيولوجي إضافة لذلك، هنالك من يقتصر النوع الإجتماعي بالمرأة وقضاياها لكن في حقيقة الأمر النوع الاجتماعي يشير للمرأة والرجل معاً ودورهما ومشاركتهما الفعالة في المجتمع.
عرف المعهد العربي للتخطيط النوع الاجتماعي (الجندر) بأنه كل ما له علاقة بالمجتمع والثقافة وبالنمط الاجتماعية وبالتطور الحضاري، وهو غير ثابت أو محدد فطرياً بجنس بعينه، كما يشير تعريف الجندر إلى الأدوار والمسؤوليات المرتبطة بهذه الأدوار مختلفة من مجتمع إلى آخر كما أنها تتغير مع الزمان ومحدداتها اجتماعية وثقافية مكتسبة بالتنشئة الاجتماعية وبالخبرة وبالتجارب الحياتية وبالتعليم وبالثقافة السائدة بالمجتمع.
كما عرفت منظمة الصحة العالمية النوع الاجتماعي على أنه وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة صفات مركبة اجتماعية، لا علاقة لها بالاختلافات العضوية، أما بالنسبة لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة فقد عرف النوع الاجتماعي على أنه مجموعة الأدوار المحددة اجتماعياً لكل من الذكر والأنثى، وهذه الأدوار التي تحتسب بالتعليم تتغير بمرور الزمن وتتباين تبايناً شاسعاً داخل الثقافة الواحدة.
النوع الاجتماعي بطبيعته قابل للتغيير لا يولد به الإنسان بل مكون اجتماعياً وليد العادات والتقاليد، الوضع السياسي والاقتصادي؛ لذلك يتغير في الزمان والمكان، يميز الفرد مميزات اجتماعية ثقافية مكانة ودواره وعلاقاته.
بما أن مصطلح الجندر يعني المساواة بين الجنسين في الأدوار الاجتماعية والتوقعات التي يصنعها المجتمع للمرأة والرجل فإذن أدوار النوع الاجتماعي متنوعة ومتعددة، يمكن للرجل والمرأة القيام بها سواء بالتشارك أو تبادلها، أقرب الأمثلة مهنة التعليم، الهندسة، الطب، تربية الأطفال والكثير غيرها.
العديد من الدراسات والأبحاث التي أجريت بناء على هذه التجربة ترى أنها ناجحة جدا ولها أثر إيجابي على المجتمع كإنماء الإنتاجية وغيرها، على غرار الأمر هنالك أيضا من يعتقد أن مصطلح النوع الاجتماعي له سلبيات كثيرة على المجتمع وهو يلغي دور الرجل الفعال في المجتمع ويدعو لتمرد المرأة عالمياً، لن أتطرق لهذه الجزئية والأفضل أن نضعها جانباً لأهل الإختصاص.
عامة يرتبط النوع الاجتماعي بحالات اللامساواة في النفوذ وفي إمكانية الاستفادة من الخيارات والموارد كما تتأثر المواقع المختلفة للنساء والرجال بالحقائق التاريخية، الدينية، الاقتصادية و الثقافية، كما يمكن لهذه العلاقات التغير مع تغير الزمن بإختلاف المجتمعات يكون هنالك فوارق شاسعة ومتميزة مع اختلاف الثقافات، كما تبنى هذه الاختلافات من خلال عملية التكيف الاجتماعي يتم تحديد الحقوق والواجبات وغيرها خلال النظام الداخلي لكل مجتمع .
روحٌ واحدة بجسدان مختلفان تلك هي المرأة وذلك هو الرجل بواقع الحال ولا ننسى أن الكون قائم على ثنائية المرأة والرجل؛ لذلك يسعى مفهوم التنوع الاجتماعي إلى خلق فرص متكافئة لكلا الجنسيين في التنمية مع الأخذ في عين الاعتبار الخصوصية الاجتماعية والثقافية للمجتمع، فإن مجتمعاتنا المختلفة تنمو وتزدهر بالتعاون المشترك بين الرجل والمرأة في مختلف الأدوار من الدور الإنجابي، الدور المجتمعي والدور الإنتاجي مع ضمان حقوق كلاهما ومسؤولياتهما لبناء مجتمع قوي متمكن بمختلف أفراده، إضافة إلى أن النوع الاجتماعي لا يختص بالمرأة فقط، الجنس أو بالسيطرة على الرجل ولا تهدف هذه الحركة لتدمير العائلة، نقض القيم أو العادات والتقاليد المجتمعية، لا يعني أيضا تخلي المرأة عن رعاية أطفالها ولا ترك أنوثتها.
0 تعليقات
إرسال تعليق