محمود الجاف
في مُختلف الفعاليات التي نؤديها يوميا وعند التعامل مع الاهل او الاقارب او شركائنا في المجتمع قد تتراكم الاخطاء اللفظية او تأثير الاختلافات الدينية والاخلاقية او الثقافية والعلمية . يُرافقها في احيانا كثيرة كتمان الالم والانزعاج والشعور بالظلم الذي ينموا ويكبر شيئا فشيئا حتى تُصبح حياتنا عالماً لايطاق يؤدي بنا الى نفقٍ مُظلم . وقد يلجأ احد الطرفين الى مُخالفة الاخر عن قصد في احيان كثيرة مُعتبرا ذلك انتصارا يُولد عنده شعورا بالزهو خصوصا عند اثارة الخصم وايصاله الى اعلى مُستوى من الانفعال وفقدان السيطرة على السلوك . وقد يتحول البيت او غرفة النوم الى ما يُشبه ساحة حربٍ حقيقية تتساقط فيها كل القيم واول ضحاياها هم الاطفال . اللذين اذا شخصت سلوكا مُنحرفا عند احدهم فتأكد من وجود المشاكل بينَ الوالدين .
صراخٌ وعويل وقسوة والفاظ جارحة من المؤكد انها تتحول الى حالة مَرضية تتصاعد تأثيراتها كالنار في الهشيم . وان وجدت من يُغذيها جهلا كالأمهات او الاخوات او الاصدقاء سندخل في عالم مختلف من الصراع قد يصل الى مستوى التفكير الجنائي الذي يؤدي الى ارتكاب الجريمة . صور مأساوية كأنها حلمٌ مُخيف وليس بيتا نأوي اليه طلبا للراحة والاستقرار وكأننا سفينة بلا ميناء ... ناهيك عن ان بعض العلاقات لايمكن الغائها وان حصل ستسبب ضررا اجتماعيا بالغا كالزوجين اذا افترقا او الانفصال عن الوالدين والاخوة والاخوات . ولهذا عليك ان تجعل في بيتك جلسة للتفاهم والمكاشفة الحقيقية كل اسبوع مثلا واطرح السؤال التالي وانت مُبتسم :
ما الذي يُزعجكُم فيَّ ؟
ثم نعدل ونبدل الادوار حتى ننتهي جميعا من عرض آرائنا الحقيقية في عملية تشبه الاستبطان في علم النفس حتى لانصل يوما ما وبشكل مُفاجئ الى طريق مسدود ونكتشف ان مشاكلنا صارت جبلا شاهقاً لايمكننا بلوغه وتهديمه . ولهذا علينا ان نكره الفعل السلبي وليس مُرتكبه من خلال الفصل بينهما اولا ثم المواجهة وعرض التصورات التي ادت بنا الى النفور من بعضنا واسباب وصوله الى هذا المستوى .
والأهَم علينا ان نُفرق بين الشخصية : التي هي نظام متكامل من مجموعة الخصائص البدنية والوجدانية والإدراكية التي تُحدد هوية الفرد وتُمَيزه عن غيره . وبين السلوك : وهو الفعل الذي يستجيب به الكائن الحي برمته لموقف ما بشكل واضح ويكون عضلياً أو عقلياً أو كلاهما معاً او فطرياً أو مكتسباً . وبناءً على ما ذكرنا في تعريف الشخصية نجد أنها نظام متكامل لكل نواحي الحياة بما في ذلك السلوك . بعد ذلك نبدأ في تشخيص السلبيات وتعديلها من خلال ايجاد البديل للوصول الى الافضل والاستمرار في كشف ما يراه الاخرون خطأ سبب لهُم الحزن او جرحا يُمكننا علاجه . ثم تطوير قدرات الفرد واستقلاليته بعد استلامه رسائل المودة والاحترام من الانسان القدوة الذي يثق في مشاعره وقدراته مع النظر الى الجانب المضيء من شخصيته بعد ان يتأكد ان احترامنا واخلاصنا له هو الدافع لتقديم المُساعدة .
ويجب الا ننسى ان هناك العديد من الأساليب التي تهدف إلى جعل حياة الناس أكثر إيجابية منها التشجيع والثناء والكلمة الطيبة أو منح الهدايا او اشراكهم في الأنشطة التي يُحبون ممارستها ولكن في نفس الوقت إخضاع المُسيء الى العقاب عند ارتكابه الاخطاء تجاه الآخرين كأن يضرب احدهم مع الانتباه الى ان العقاب قد يُوقف السلوك الخاطئ مؤقتاٍ وبانتهائه يعود اليه مرة أخرى . وقد يقوم بتصرفات سيئة من اجل لفت الأنظار إليه لذلك وجب تجاهله . على سبيل المثال لابد ان يتعلم أن الكتابة في الدفتر سلوك صحيح أما على الجدران فهو خاطئ . كذلك يمكن ربط السلوك السيء بشيء منفِّر لأنه يُساعد على الحد منه . كأن يتم تغريمه ماديا او من خلال مُعالجة عدم ثقتهم بأنفسهم وشعورهم بالخجل وانسحابهم من المواقف الاجتماعية التي تتم من خلال التكرار والتدريب .
أن من أهم أسباب فشلنا في الحياة هو الهُروب من مُواجهة اخطائنا . واللجوء إلى منهج التبرير الذي يجنح بنا إلى الكذب والهُروب والمُراوغة واستخدام وسائل الدجل والخرافة في حل مُعظم مشكلاتنا بعيدا عن الحلول العلمية والأسباب الحقيقية التي ادت اليها مما يُؤدي إلى تفاقمها . ورغم ذلك نضفي على آرائنا وسلوكنا احيانا القداسة وما على التابعين الا التأييد والمُوافقة شاءوا ام ابو . ولكن اذا اردنا الخُروج من أزماتنا لابد ان نُعيد الى بيوتنا الحب والامن والامان والابتسامة والرحمة والتعامل الانساني والمشاركة الحقيقية في الآراء والقرارات ونبتعد عن سوء الظن والشك واتهام بعضنا بالباطل . لاننا عندما نفارق اباً كان ام اخاً او إبناً او زوجة او صديق . نبكيه دماً وحسرة ونتمنى ان يعود الى الحياة لنخبره اننا آسفون ولكن بعد فوات الاوان .
اتفقوا الان على موعد لمواجهة بعضكم بما في قلوبكم وستشعرون بالفرق والتأثير الكبيرين لتكونوا قادة . فالقائد الناجح هو الذي يحول الدموع الى ابتسامة والفشل الى نجاح والضعف الى قوة .
0 تعليقات
إرسال تعليق