عبد الحميد الصائح


الانتخابات المبكّرة، مبدأ شعبي طالبَ به المتظاهرون لإنجاز التغيير في البلاد، وحين تَنشغِلُ الدولة كلهُا الآن بهذا المبدأ وتعمل على تفعيله وإجرائه وتكون الانتخاباتُ المبكرة موضوعاً للتداول السياسي تمخض عن تحديد موعد محدد لها، فذلك يعد إنجازا جريئا قبل الخوض في التفاصيل.
فالانتخابات المبكرة هي وليدة الاحتجاج ونتيجة التضحيات التي قدمها الشباب المطالب بالإصلاح والتغيير، وردّا على حملات التشويه التي تعرضوا لها ،وقد سبق لرئيس مجلس النواب السيد محمد الحلبوسي وبعد ثلاثة أيام من بدء التظاهرات القول: إن جميع الحلول دون انتخابات مبكرة تعد معالجات ترقيعيه ،لذلك تأتي دعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى تحديد موعد لها بمثابة  توقيع شجاع على أن المطلب الشعبي أصبح منهجا حكوميا ، مثلما أعلن رئيس البرلمان فيما سبق ان المطلب الشعبي اصبح  مهمة برلمانية  وهو تناغم لم يحدث سابقا بين السلطتين المتنافسين  اللتين تعرقل احداهما الأخرى.
وعلى الرغم من أن الفترة المحددة بعيدة نسبيا في بلد يمكن ان يتعرض الى مفاجئات سياسية واقتصادية الا انه سيكون عاما كافيا للمراجعة والتهيئة، عام يمتد من تموز 2020 الى تموز2021، عام الاصلاح هذا يجب أن يأخذه الجميع بالاعتبار، سواء على الصعيد الدستوري أو على الصعيد المؤسساتي، كي لا تأتي الانتخابات متعجلة وتقع في مشاكل الجولات السابقة ذاتها التي أقر الجميع بانها غير صالحة ولم يحصد من نتائجها العراق سوى خيبة الأمل في التغيير والنهوض بمصالح البلاد الاساسية.
الكاظمي اليوم وقبله الحلبوسي بخمسة أشهر، وبرهم صالح الذي اصبحت الكرة في ملعبه، ينضمون رسميا خارج التردد والتوقعات الى التظاهرات المطالبة بالتغيير عبر اقرار الانتخابات المبكرة وهي السابعة في سلسلة الانتخابات العراقية 2010-2014- 2018والجمعية الوطنية والتصويت على الدستور وقانون الدولة، ثم العمل المؤسسي لإنجاز ذلك ليدعموا أهم مفصل في المسيرة السياسية المتعثرة خلال ثمانية عشر عاماً. مقابل ذلك سيكون الطريق الى الانتخابات السابعة حافلا بالمفاجآت لاسيما داخل كتل وأحزاب ترى أنها  ابتعدت تماماً عن الإرادة الشعبية بل واجهتها في بعض المواقف ، وهذا ما يفسر الترحيب العام بخطوة الانتخابات التي لا يراهن عليها الكثير لكنها تمثل في الأقل  ثأراً من  فشل الطبقة السياسية الذي شهدته السنوات الماضية وعليه لن تشهد التشكيلات القادمة التي ستشارك في الانتخابات ذاتها تدويراً لوجوه مستهلكة رفضها المجتمع واحتجّ على فشلها، فما قام به الكاظمي والحلبوسي اليوم يمثل تقوية للناخب المحتج ، وفرصة ثمينة للمطالبين بالتغيير السياسي الذي لا يمكن ان يحدث في الوقت الراهن بسوى صناديق الاقتراع، قد لا يعول عليها البعض لكن دعمها جماهيرياً والتثقيف الذي يجب أنْ يتكثّف باتجاه إنجاحها، كفيل بتحقيق قدر كبير من المعادلة المستعصية على الحل في السياسة العراقية التي لابد ان تتغير .