مبدر المشهداني



(غيرة حنيفش): هو مثل شعبي شائع في الطارميه؛ وقد يكون في مناطق اخرى؛ ويطلق على الشخص الغيور المايكدر يسكت على الناقصة والعواج والظلم (وان لم يمسه شخصيا).
وفي الموصل يقولون (الي بينه ما يخلينه)..
أيها الاحباب..
ما يدفعني دائما أن اكتب واتصدى وأعري الظلم والفساد والفشل والفوضى واللادوله....
هو (حبي لأهلي وبلدي).
فبعد زياراتي لساحة التحرير وانشادي للشباب الاحرار؛ وبعد كتاباتي التي أسماها البعض بانها موجعة ولاذعه في النقد والتشخيص؛ وحطيت كلمن طينته بخده.. بعدها وخلالها بدأت تأتيني اتصالات من الأصدقاء وأبناء عمومتي في بغداد والطارميه وكل العراق وخارجه.. كل هذه الاتصالات؛ والكتابات؛ تشيد بما اكتب؛ الا انها تنتهي بضرورة تخفيف العيار؛ حرصا وخشية منهم على حياتي من الأحزاب الفاسدة وعصاباتها المنفلتة الخارجة عن القانون التي فكرت في جيوبها فقط.
وفي احدى الجلسات خاطبني أحد اصدقائي الشيوخ قائلا: والله يا ابو عمر؛ أنني وهذا الحضور الطيب نحترم مواقفك الوطنية ونثمن كتاباتك؛ ومقالاتك تشفي الجروح وتعادل صواريخ: فعلا انت؛ غيرة حنيفش؛ يا أبا عمر احذر؛ انت طيب.
اما اهم الاتصالات والكتابات فكانت من شخصيات عراقية محترمه؛ تقيم في دول عربيه..
فأولهم استاذي وعمي الوزير الاسبق (المهندس محمود ذياب الاحمد) الذي وصفني: بالعراقي الأصيل؛ مشهداني حد النخاع وأضاف.. (واعلم ابن العم واقولها بصوت عالي الي ينفض من ذيالك تراب ننفض من رگبته دم وليخسأ الجبناء)..
ومنهم من انتهى بعد الإشادة.. بقوله (ألا انني أخشى عليك فإن مقالاتك توجعهم فلا تأمن مكرهم يا أبا عمر؛ انت لا تعرف غدر الاحزاب المتصارعة المتأسلمه) ... الخ.
(لا اريد ان أطيل عليكم فيما قيل لي. إلا أنها ضرورية لربط الموضوع حتى نهايته المؤلمة المثيرة).
كل هذه الكلمات تزيدني فخرا وعزا وثقه وإصرار على الاستمرار.
الا انها في لحظه من لحظات الفوضى واللاقانون واللادوله؛ بل الدولة العميقة؛ قد يبدأ الشك والقلق يساورني ويتسلل إلى محيطي؛ ويمسك قلمي!!علما أن هدفي إصلاح حالنا وبلدنا.
وفي تلك الليلة الليلاء...
عدت بعد مغيب الشمس من الطارميه مرهقا؛ ودخلت بيتي؛ وانا في هذا الضغط النفسي؛ وفاجئني؛ خبر على التلفاز؛ هو مقتل الباحث هشام الهاشمي..
صدمه!! اذهلتني؛ ولم تعد قدماي تحملاني.
فجلست على طرف السرير؛ متكئاَ برأسي على الأريكة؛ وانا أحدث نفسي قائلا ..
رصاصه لا يتجاوز ثمنها دولار....
أطفأت ابتسامة الباحث والمحلل والانسان (هشام الهاشمي).
لم يقترف ذنبا؛ الا انه يبحث عن الحقيقة لينقلها لي ولك وللعالم.
لم يحمل سلاحا؛ الا انه يحمل القلم.
فسالت دموعي؛ وضاق صدري؛ وتعب جسمي؛ وجف فمي؛ وصدع راسي..
حتى ظننت ان كورونا تمكنت مني.
فناديت زوجتي لتجلب لي شريط البنادول وكأس ماء وتناولت قرصين.
وبعدها تبدأ قصتي..
فلم اعرف كيف خرجت وحيداََ في الليل اقلب الهموم؛ ومشيت ومشيت في الطرقات....
وإذا بجهة مسلحة تعترضني؛ وتمسك بي؛ وتقوم بتفتيشي من رأسي حتى أخمص قدمي؛ فلم تجد الا القلم؛ واخذوه مني؛ واقتادوني معهم.
قلت لهم لمَ تأخذونني...؟؟
لمَ لا تأخذون الغانيه في هذه البناية فهي تعرض خدماتها علنا؟؟
لمَ لا تأخذون تاجر المخدرات في ذلك المحل؟ فهو يقتل الشباب؛ والصغار والكبار.
لمَ لا تأخذون ذاك المسؤول اللص الذي سرق الملايين؛ وترك الناس في هذا الحر اللاهب بلا كهرباء؛ ولا خدمات...؟؟
لمَ.. لمَ..
قالوا.....
الغانيه. تسلينا تطوعا وحسب طلبنا.
وتاجر المخدرات يوفر لنا احتياجنا من الحبوب المخدرة مجانا.
واللص شريكنا نتقاسم معه الغنائم بكل شرف وأمانه.!!
اما انت وقلمك ليس منكما سوى المتاعب؛ ومكانكما القبر والموت؛ وعلاجكما بهذا الكاتم.!!
ووضع مسدسه في رأسي..
صرخت: لا لا لا... وسقطت من السرير وانا اصرخ لا لا لا...
انه منام وكابوس...
هل ممكن ان يستفزهم حتى المنام؟؟