وسام رشيد الغزي
أبرز مطالب الشعب العراقي التي عَبّر عنها في منصات التواصل الاجتماعي، وساحات الاحتجاجات التي ملأت الميادين منذ بداية تشرين الأول من العام الماضي والى الآن، هو تنظيم إنتاجات مبكرة، وعودة حق الاختيار والتصويت لأفراد الشعب مرة أخرى ليعيد حساباته، وينظم صفوفه، مرة أخرى نحو تحقيق الأهداف.
الطريق الدستوري والقانوني لفك الاختناق الحاصل الأن بالوضع السياسي والحكومي نتيجة تراكم الأخطاء، والذي أشار إليه السيد الحلبوسي من دعوة صريحة وواضحة لجميع المتصدرين لتحمل مسؤولياتهم الدستورية والقانونية لإجراء انتخابات مِبكرة، والعودة للشعب مصدر السلطات الأول، والقاعدة الأولى للتشريع
تضمنت الدعوة أيضاً وصفاً دقيقاً لفشل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 الى الأن في تنفيذ خطط لبناء الدولة، وكسب ثقة المواطن، الذي يدفع ثمن سوء الإدارة منذ ذلك الوقت الى الآن، وهيّ رؤية جادة بعدم الاستمرار والمضي بحكومة غير قادرة فعلياً للنهوض بمستلزمات الإصلاح والتغيير.
تفعيل الإطار الدستوري العام وبنوده التي تعالج حالة الجمود الحالي بالمسارات السياسية، والحكومية، أصبح ضرورة لكسب الوقت، ومعالجة المشكلات بفضاء وطني واسع، ومُلح، يعيد للدولة هيبتها، وقدرتها على تخطي الأزمات
وبالعودة الى الشارع، فقد تجلت هذه المطالبة بصورة (خارطة طريق) وضعها المتظاهرون، والمثقفون، وصنّاع الرأي العام، بمحافظة النجف، تبناها فور إعلانها جميع المتابعين والمهتمين للشأن العام بجميع المحافظات من بغداد الى البصرة، فأصبح مطلب جماهيري رئيسي، انتخابات مبكرة، بإشراف دولي، تعيد ثقة المواطن بالعملية السياسية مجدداً.
الانتخابات البرلمانية في العراق هيّ من تحدد أسس وقواعد الحِرّاك السياسي، الذي يبني الإدارات الحكومية بمختلف المسميات، ولهذا فإن أهمية العملية الانتخابية تكمن بمحورتيها، وإنها قاعدة الانطلاق نحو تنفيذ البرامج، والخطط التنموية في مجال البناء والإعمار والتجارة والاقتصاد، فضلاً عن السياسات الأمنية والخارجية، مما يتطلب دقة عالية بوضع أسس سليمة لعملية الاقتراع.
والوصول للتغيير الذي تنادي به الجماهير عبر مختلف المنصات والمناسبات، وتنفيذ برنامج خاص ومباشر للإصلاح، يتطلب أدوات حكومية ناتجة من تشخيص ومعاناة الشعب المنتفض بالساحات، تحظى بثقة الجماهير، وتملك الإرادة لتنفيذ الإصلاح، والشرعية للتغيير، بمختلف الآليات المتاحة، ومحاسبة المتجاوزين والمتسببين بهدر المال، العام وسوء الإدارة منذ بداية العملية السياسية.
الحِرّاك السياسي الحكومي يجب أن يكون متناغم مع الحِرّاك الشعبي، لتحقيق الأهداف السامية، لأبناء البلد، والأهم إن الأفق الوطني هو المنظور الجامع عملية الإعداد والترتيب للانتخابات، التي يرى الكثيرون إنها ستكون الفرصة الأخيرة والأهم للعملية السياسية برمتها، وسبباً منطقياً، وعملياً لإعادة بناء ثقة المواطن، وتأييده لتلك العملية السياسية التي تعاني الكثيرة من المشكلات والأزمات القاتلة.
ومن تلك المنطلقات فإن دعوة رئيس مجلس النواب بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء عن موعد (غير مُبكر) للانتخابات، رغم إنها حملت عنواناً مبكراً وبعد عام تقريباً، ليثير كثيراً من التساؤلات حول جدوى الانتظار، وعدم الشروع فوراً بانتخابات-أبكر-ينتهي بها غضب الشارع، وتوفر دماء جديدة لقيادة البلد نحو التغلب على أزماته.
انتخابات جديدة، وبتوقيت قريب، مع ضمان نزاهتها، وبتأييد شعبي عام، كفيلة أن تعيد الروح لمفاصل الدولة نحو الإصلاح، وتسخر الطاقات الإيجابية لتشكيل حكومة قادرة على النهوض بمهامها الوطنية، وتصحيح الأخطاء والتغلب على الأزمات، وتحقيق رغبات الشعب في إزاحة الطبقة التي تسببت في إنحراف العملية السياسية، وصناعة مستقبل واعد للعراق.
0 تعليقات
إرسال تعليق