د. فاتح عبدالسلام


جميع الذين جرى توقيفهم، ومن سيشملهم التوقيف في اطار ما اصطلحت عليه الحكومة حملة مكافحة الفساد، لم ينزلوا من السماء الى مناصبهم، وانّما كانت رؤوس كبيرة تقف وراء تعيينهم ودعمهم واستمرارهم. من الصعب ان نتوقع اية نتائج حاسمة في هذا الملف ما لم تشمل التحقيقات الوجوه الظاهرة والبطانات والواقفين في الكواليس

هناك شكوك لدى الناس لايمكن تجاوزها إزاء ما يحدث، ربّما بسبب فقدان الثقة بالحكومات جميعاً من دون استثناء بعد أن خرّبت البلد وبدّدت أمواله وتركت الساحات مرتعاً للناهبين، لذلك ستكون اجراءات اليوم في توقيف شخص ومساءلة مسؤول تحت عيون التدقيق بل الشك أيضاً، حتى تكون هناك صيغة واضحة من الاجراءات الشفّافة في ملاحقة ملفات الفساد.

 ما يقلق العراقيين هو أنهم لم يطلعوا على الغايات الدقيقة في توقيف المسؤولين من ذوي الدرجات المتوسطة. حين حدثت اجراءات مماثلة في مصر، كان هناك اعلانات واضحة عن المبالغ المطلوب استردادها، وجرى الكشف عن الاسماد المطلوبة داخل مصر وخارجها بوضوح

في العراق الامور مكشوفة منذ سنوات بعيدة ، وحتى الطفل يعرف أنّ الحرامية أكثر من الصالحين في المشهد العام بالبلد ، ومن باب اولى ان الجهات المختصة تعرف كل التفاصيل، وان الكشف عن المطلورب بدقة من المهام السهلة والممكنة.

من المخاوف أيضاً أن تكون العملية الجارية حالياً استعراضية، وفيها مسحة سياسية غير مباشرة، ربّما لا تدركها الحكومة، لأنّ جهات جهات سياسية تريد القاء عبء الفساد على جهات أخرى وتقديمها كأهداف مكشوفة امام الحكومة المتحمسة لاثبات الوجود.