د. فاتح عبدالسلام


ليس في اليمن وحده يوجد عدم رضا على برنامج الغذاء العالمي المتصل بمنظمة الزراعة العالمية فاو، وانّما في جميع أماكن الحروب، لاسيما في العراق الذي تعرض لانواع من الحروب التي نالت على نحو مريع من ثرواته الزراعية، وقللت من بنود أمنه الغذائي الى حدود دنيا، كما دمرت قسماً من الايراد التجاري لما تدره الزراعة. لكن في المقابل هناك انفتاح لبرنامج الغذاء العالمي الذي نال جائزة نوبل للسلام على تحقيق منافع متعددة في افريقيا وآسي، ماكانت لتتحقق لولا تلك الجهود الدولية .

كان خبر نوبل للسلام يقترن ببرنامج الغذاء، في حين كانت تبرز بوضوح خارطة القحط الذي أصاب الزراعة في العراق وسوريا أشهر بلدين دمرت زراعتهما الحروب والتهجير المصاحب لها .

منظمة بحجم الزراعة العالمية، فاو، وما لها من برنامج غذائي نال الجائزة، ومن قبله نال تمويلاً عالياً من الدول الأعضاء وشهرةً في الانتشار، كان ينبغي لها أن تعمل من خلال بروتوكول المساءلة والتقصي الاجباري للدول الاعضاء التي أُهملت قطاعات زراعية كبرى لديها لأسباب الحروب والقتال، من باب انّ الثروات الزراعية ملك للبشرية في توازن وجودها، ومنفعتها للعالم .

اسمع اليوم المسؤول السابق حقي الجبوري في ديالى بحسب ما تنشره، الزمان، يتحدث عن دمار شبه كامل لأكبر مزرعة للرمّان في الشرق الاوسط تمتد على مساحة اربعة آلاف دونم بسبب القتال ضد تنظيم داعش والتهجير في شمال المقدادية، ذلك هو رمّان شهربان الذي لا مثيل له والذي قضى أجله بصمت. وقبل ذلك تدمرت ما نسبته سبعون بالمائة من ثروة العراق من نخيل البصرة وتمورها الشهيرة في حرب الثماني سنوات في الثمانينات من القرن الماضي، وكذلك الزراعة في غوطة الشام وحقول سوريا للحبوب والعرائش، من دون أن يكون هناك جهد دولي شبه ملزم للحكومات بضرورة احياء القطاعات الزراعية ذات العمق التاريخي العظيم وبمساعدات وخبرات عالمية توفرها المنظمة.

هل حدث تنسيق في هذا الصدد؟ ومَن المُقصّر الحكومات السابقة والحالية التي لم تطلب العون لاستعادة مرفق زراعي يموت أم انَّ المنظمة تصرفت مثل ما لو انّها لا تعتمد التدخل فيما لا يعنيها، كما يقول المثل. تلك مشكلة تخص شرعية وجود منظمات تحمل الصفة العالمية، وتعيش الانكفاء على ذاتها وداخل الهامش المتواضع الذي تتيحه الحكومات، وتلك مشكلة ومسؤولية والتزامات اخلاقية إزاء مصير ثروات العالم قبل ان تكون ثروات تخص أراض محصورة لدى بلدان محددة.