هيثم الزبيدي


أيباد-2 شهد معاناته الأولى مع شركة أبل نفسها. كل الأجهزة الحديثة تعمل الآن بنظام أو.أس 14.2. الأجهزة الحديثة بمعالجات قوية تستطيع التعامل مع المتطلبات المتزايدة لنظام التشغيل.

شيخوخة جهاز

أيباد-2 أكثر جهاز إلكتروني تعايش معي: تسع سنوات بالتمام والكمال. بالأمس أحلته على التقاعد. قلّبته بعد أن أخرجته من محفظة جلدية تحميه، فوجدته مثلما هو يوم وصل. كأنه جديد. لكن قلبه تعب. ما عاد معالجه يستطيع التعامل مع الصفحات الجديدة والمتطلبات المختلفة التي نشاهدها كل يوم كإضافات على عالم الكمبيوتر عموما، والكمبيوترات اللوحية بشكل خاص. صارت التطبيقات تتوقف ولا يتم تحديثها. حتى الشراء من خلاله صار مشكلة. تدخل على موقع ويقول لك: جهاز غير آمن. شوّهوا سمعته.

أيباد-2 شهد معاناته الأولى مع شركة أبل نفسها. كل الأجهزة الحديثة تعمل الآن بنظام أو.أس 14.2. الأجهزة الحديثة بمعالجات قوية تستطيع التعامل مع المتطلبات المتزايدة لنظام التشغيل. أيباد-2 توقفت تحديثات أبل لديه عند نظام أو.أس 9.3.5. لم يعد يستفزني مثل بقية أجهزة أبل: هناك تحديث جديد. سكت منذ سنوات. مثل عجوز قبل بحكم الدهر.

هذا لا يعني أنّ أبل مذنبة معه. أبل مذنبة بعمل شيء آخر. قبل سنتين تعمدت إبطاء الأجهزة الأقدم بحجة المحافظة على البطارية. الهدف الخفي كان حثّ الناس على شراء أجهزة جديدة. ثم اعترفت بأنها لم تكن شفافة بالأمر. وها هي تدفع أكثر من 100 مليون غرامة. حالة أيباد-2 هي شيخوخة.

سافر معي أيباد-2 في كل رحلاتي. في كل مكان ومدينة ومهمة، كان موجودا. رفيق السفر الذي لا يخذلك.

لكنه جهاز أليف. قبل أن أودعه، مررت على المكتبة فيه. مكتبة حقيقة تذكرك بكم تقرأ كل عام. كتب اشتريتها، وكتب بي.دي.أف أُرسلت لك أو نزلتها من الإنترنت، وصحف نزلتها وتصفحتها. وأول شيء تتعلمه من الأيباد-2 أن الضوء بجانب السرير صار شيئا من الماضي. الأيباد كتاب مضيء. ليس هذا فقط، بل يداوي معاناتك مع تغيير النظارات. يضعف بصرك، فتقوم بتكبير الحرف. معجزة حقيقية.

يتهمونه بالتسبب بالأرق. يقال إن النسخ الأولى من أيباد فيها درجة من الأزرق تجعل الجسم يعتقد أن الدنيا نهار فيستيقظ. أنا حالتي العكس. فيلم فيديو من يوتيوب أو من منصات البث التدفقي يساعدني على النوم. أعرف أني نمت لأني لا أعرف ماذا حدث لبطل الفيلم أو المسلسل. اعتقد أن الشركات التي توفر الخدمات التدفقية تعتقد أن مستخدم هذا الحساب لديه مشكلة في الذاكرة لأنه يوميا يعود إلى جزء من المسلسل أو الفيلم ويستمر. في الحقيقة إنه سلطان النوم نسخة أيباد-2.

قرأت كل أخبار العالم ووكالات الأنباء على الأيباد-2. لدي اشتراكات صحف كثيرة عليه. لكنه ما عاد يحتمل. تفتح الصحيفة وتحاول تحريك الصفحة مرات ومرات وهو جامد. تتركه لحظات فتبدأ الصفحة بالحركة ببطء. ثم تختفي وتأتيك رسالة من المتصفح سفاري تقول: حدث خطأ؛ سيعاد تحميل الصفحة.

نعم. حدث خطأ. اسمه الشيخوخة. شيخوخة جهاز.