بقلم: الكاتب والباحث السياسي

أنمار نزار الدروبي


ما أخطر أن تكون في العراق تشرينيا، فتُتهم بالجوكري وعميل للسفارة الأمريكية، فتلاحقك لعنة مقتدى الصدر، وبنادق قيس الخزعلي، وتدفن في سراديب حزب الله. لكني اتفهم حجم الغل غير الإنساني لمقتدى الصدر وصبيان المقاومة الإسلامية وجماعات الله مثل (ربع الله وحزب الله) وغيرهم الذين لا يعترفون بالله الواحد الأحد، بل ربهم الأعلى يقبع في طهران وينزل عليهم آيته الكريهة ليعبدوه. وكذلك مليارديرات أشباه الرجال في المنطقة الخضراء ضد انتفاضة تشرين وشبابها الأبطال، وذلك لأن ملائكة ثورة تشرين استطاعوا أن يسحقوا شيطانين الطائفية، تلك الانتفاضة الشعبية الصادقة الطاهرة. لكن في نهاية المطاف نجحت ماكينة الثورة المضادة في إفشال ثورة تشرين على الأقل في الوقت الحاضر، فقتلوا مئات الشباب الأعزل في ساحات الاحتجاجات. بالأمس ودعنا الشاب الشهيد (عباس حسين) من محافظة الناصرية، وسوف يُقتل ويُعتقل ويُقمع كل من يحاول الوقوف بوجه هذه المافية التي نهبت البلد، لأن العراق عراقهم، والزمان زمانهم، والساحة لهم وحدهم.


وبالتالي أصبح من الصعب جداً في ظروف كالتي تسود العراق اليوم أن نتصور تكرار الظاهرة التشرينية مهما اشتد حنين الناس إليها، فنحن الآن نعيش في عصر يتغنى فيه جماعة الله بجهادهم على أفخاذ النساء، وأظن 99% من الشعب العراقي شاهد الفيديو الذي أعتدى فيه مجموعة من الشباب المغيب على فتيات لا حول ولا قوة، وذلك لأن الآراء المسمومة والأوامر المدسوسة لأصحاب العمائم وصبيان المقاومة الإسلامية وجماعة الله ومن على شاكلتهم تبيح لهم تحنيط المرأة العراقية ودفنها فى تابوت الجهل والتخلف ضمن مسيرة الانحطاط التي عنوانها (هيهات منه الذلة).


 ومن هذا المنطلق، فإننا أسرى لعقول مريضة نفسيا تستغل غياب الوعي السياسي والثقافي والفكري للشباب وتجنيدهم ضد الدولة والشعب، وعليه فلا مجال للتفكير في قبول الآخر أو التعايش معه لأن دينهم إما يحكمونا أو يقتلونا، حيث أن هذه العصابات بمختلف مسمياتها شغلها الشاغل هو تدمير تراث العراق وطمس تاريخه، لتعويض عقدة النقص والحقد والكراهية لدى ربهم الأعلى خامنئي ضد العراق.


إن هذه الجماعات المتطرفة والمتخلفة لا تعرف شيء عن العلم والتقدم والمدنية، وأي محاولة لتطويرها وتغيير حركتها بقوانين علمية حديثة تعتبر عملية غير علمية بحد ذاتها، فهم جماعات ظلامية وأعداء للإنسانية تعتزل المجتمع لتطبق قانونها الخاص. لكن الطغاة لا يتعظون من تجارب الآخرين لأن مصيرهم  في نهاية الأمر سيكتب  بدماء الشهداء.


 في الجانب الآخر نحن أمام مفارقة غريبة عجيبة في تعامل السيد رئيس الوزراء مع هذه الأحداث وتداعياتها السلبية على المجتمع. فالسيد الكاظمي رأيناه ثائرا منتفضا في قضية مقتل الشهيد هشام الهاشمي، وتعزيته لأهالي الشهيدة ريهام، لكنه في الكواليس شديد الحرص على مغازلة هذه العصابات المجرمة، وكسب ودها بل إشراكها فى الحكم والإذعان لأوامرها.