عبد الجبار الجبوري



يسأل العراقيون،السيد مقتدى الصدر،لماذا دعوت الى ترميم البيت الشيعي(ويقصد به الاحزاب الشيعية الطائفية ذات الولاء الايراني)، وهو مصطلح أوجده أحمد الجلبي أيام المعارضة،الذي أصابه الوهن والعفن السياسي، وغرق في بئرالفساد الى أذنيه، ولم تدعُ الى ترميم وترتيب البيت السياسي العراقي،الذي أصابه هو الآخر التشرذّم والتناحروالصراعات السياسية، لأهداف وأغراض نفعية وحزبية ضيقة وإنتخابية،كالتي حصلت بين (جبهة النجيفيالحلبوسي)،أوالتي حصلت بين نواب الموصل وصلاح الدين ،وتفليش حزب الجماهير الوطنية ،إذن دعوة الصدر ليس في محلّها،لأنها دعوة طائفية بإمتياز،وهوتكرّيس لواقع طائفي، ولائي وحزبي،وليس عراقي،كان الأجدى أن تكون دعوة عراقية، لجميع القوى والأحزاب التي تحكم، في سلطة متهرئة وفاسدة،لإخراج العراق من فشله وفساده وإحتراب أحزابه ،وإحترام لثورة تشرين وشهدائها وجرحاها، التي خرجت للاصلاح والتغيير، وركبتَ موجتها، ورفعتَ أيضا شعا الاصلاح،أنت وتيارك ،وحدث ماحدث من قتل وإغتيال ووأد الثورة،في ساحات ذي قار وميسان وبغداد وكربلاء والبصرة والمثنى،وكادت تحصل حرب شيعية- شيعية ،لانهاية لها، كما يريدها أعداء العراق،تحرق الأخضر واليابس لولا لطف الله وحكمة شباب الثورة، الذين إنسحبوا من ساحات التظاهرات،بعد حرق الخيم والساحات، وإغتيال الناشطين وإختطافهم، لنزع فتيل تلك الحرب،وفكّ إشتباك المتظاهرين في الساحات،بين جماعة ربع الله، وشباب الثورة،وعادت الثورة وشبابها ،أقوى من السابق وفشل وأدها،وعندها أدرك السيد مقتدى ومن يدعمه، أن الثورة لاتموت بموت شبابها وإغتيالهم، وغرّد، ونصحهم وحاول إسترضائهم بالعودة للبيوت ،اليوم العراق أمام دعوة السيد مقتدى، (ترميم البيت الشيعي)، هي دعوة للعودة الى المربع الاول، وهو الإحتراب الطائفي، والترميم مصطلح يعني إعادة بناء، وليس بناء جديد أساسه ( الوطنية)، أي أنّ معنى البيت الشيعي هو شعار طائفي، الهدف منه إعادة العراق كله ،لتخندقات طائفية، ولإستقبال الانتخابات وضمان الإستحواذ على السلطة والحكم، لاأكثر ولا أقل، ويعلم الجميع أن مايسمّى البيت الشيعي، لايجمعه سوى ( المذهب، والمصالح)، ولايجمعهم حبّ العراق ،وإنقاذه ووقف سرطان الفساد ،الذي أنهكه وأجلسه على (حديدة الافلاس)،إذن دعوة السيد مقتدى دعوة إنتخابية صَرْف، ولاعلاقة لها بترميم أو صبغ حيطان الأحزاب،نعم الدعوة واضحة الأهداف ورسالة وصلت الشعب،بعد مواجهة ثوار تشرين،السيد الصدروجماعته في شوارع العراق،وفشله في إنهاء الثورة،وإعادة الشباب الى بيوتهم (كما طلب منهم)،وسقوط هيبة السيد وجماعته في الشارع العراقي،بعد قتل المتظاهرين ومحاولة إنهاء ثورتهم الإصلاحية، بدعم وتوجيه إيراني واضح،حيث رفع المتظاهرون في عموم الشوارع المنتفضة، شعارات ضد السيد الصدر، ووصفته بأوصاف قاسية جدا، بل وداست على صوره وأحرقتها في ذي قار الناصرية وغيرها، بعد إستشهاد شباب الناصرية،وظهرت تغريدات للسيد الصدرتؤكد فقدانه الشارع العراقي وإنتقاده بقسوة، بسبب ما قام به مؤخراً هو وجماعته، في مواجهة وقتل المتظاهرين، وانهاء ثورتهم،هذا رأي الشارع العراقي كله،بل ورأي تحالفه( البيت الشيعي) ،الذي دعمه ،وورطوه في مواجهة الشعب وثورته، ضد الفساد والاحزاب الفاسدة، وحاولت إسقاطه جماهيرياً، لأغراض إنتخابية ،ونجحت بدفعه الى مواجهة الشباب بالسلاح وقتل المتظاهرين،إذن خصومه- وحلفاؤه هم من ورطّوه ليخلى لهم الشارع، في الاتنتخابات المقبلة، وليسقطوه سياسياامام جماهيره،ولهذا أدرك السيد الصدرما خطط له خصومه، وأوقعوه في فخ المتظاهرين،وأسقطوه بالضربة القاضية، حتى جاء ليبحث عن البيت الضال الى ( البيت الشيعي متوسلاً بهم ،للإجتماع ونسيان ماجرى، بينه وبين شباب الثورة،فهل يعطوه فرصة، لكي يلفظ نفاسه قبل الإنتخابات،وهناك تسريبات لموافقته على الصلح، مع ألدّ أعدائه وهو نوري المالكي،في وقت يتجاهل المالكي دعوته،(لتركيع) السيد الصدر، وتقديمه تنازلات سياسية في الانتخابات ، التي يصرُّويدعو لها الصدر،ويعلن أن رئاسة الوزراء ستكون (حتماً) للتيار الصدري، فهل يقبل المالكي بهذا التحدّي،وهو المستقتل الآن ،على عودته لرئاسة الوزراء،إذن دعوة السيد الصدر، دعوة اليائس، الخسران، المُحبّط، وليس دعوة المنتصر، المتأكد من فوزه في رئاسة الحكومة المقبلة،ويجري الى تحالفات تنقذه من مأزقه، الذي وضع نفسه به،وفقد فيه تأييد( الشارع الشيعي ) قبل الشارع العراقي،وهكذا يتخبّط السيد الصدر، في سياسته مع جمهوره، وتياره، ومناصريه، وهو الذي أعلن بملء فمه ،تركه السياسة،وعدم الترشح لأي من أنصاره، في انتخابات قادمة، ولم يعدّ له (شغل) في العمل السياسي كله، وسيتفرغ للمذهب والحوزة فقط،ولكن زيارته لطهران، وخروج ثورة الشباب في محافظات الجنوب والوسط وبغداد،العام الفاءت ،أعادت الصدر الى واجهة الاحداث،وكأن طهران ،(كلفته بمهمة إنهاء ووأد ثورة التغييروالإصلاح)،وهذا يتزامن مع كل زيارة للسيد الصدرلايران،أو زيارة أي مسؤول إيراني لبغداد،وآخرها زيارة إسماعيل قاآني رئيس فيلق القدس لبغداد،هذه التقلبات والمواقف السياسية،للسيد الصدر تأتي نتيجة خضوعه لآراء وتوجيهات إيرانية، ومكتبه السياسي الفاشل،والذي يدفع الثمن ،هو السيد الصدر (وبيت آل صدر نفسه) الذي نكّنُّ له الإحترام،ولهذا نقول وننتقد السيد الصدرعلى دعوته،لترميم البيت الشيعي، وليس لترميم البيت العراقي، المصطلح الأكثر شمولية وواقعية،واكثر رضىً وتوافقية وإقناع للعراقيين، في حين مصطلح البيت الشيعي، مستفزومهَين للعراقي،ينمُّ عن قصر نظر،وتقوقع مذهبي، في وقت لايحتاجه العراقيون ،ونبذوه ومقتوه ودفعوا دماءاً طاهرة بسببّه،وأولهم أهلنا وقرة عيوننا شيعة العراق العرب،في وقت يمرّ العراق، والعملية السياسية،بإنسداد إقتصادي،وسياسي، وإضطراب مجتمعي،وصراع أيدلوجيات ومذهبيات وقوميات حادة، وإفلاس مالي حكومي، وإنهيار قيمي وإقتصادي مريع،وتنمّر ميليشيات خارجة عن القانون، سماّها الصدر نفسه( بالوقحة)، تقتل المتظاهرين والرأي الآخر ،وتعيث في البلاد فساداً وتهجيراً وقتلاً،وخطر عودة تنظيم داعش الأرهابي في المناطق المحرّرة، وتهديده للمواطنين والمدن، كلُّ هذه الأخطار والأزمات والتهديدات والتحديات والفشل الحكومي ، والفساد الأشهر في تأريخ العراق، هل نحتاج لترميم البيت الشيعي،ام شلع وقلع هذه الطبقة السياسية الفاسدة والفاشلة، هي وأحزابها ورميّها ،في مستنقع وبئرالانتخابات المقبلة ،وإعادتها الى (سمتيتنغ السياسة)، وتغيير وجه العراق العربي الحضاري والتأريخي،نعم العراق، بأمس الحاجة الى تغيير جذري، وليس ترميم،الى وحدة وطنية، وليس تشرذم مذهبي وعرقي وقومي، لصوت عراقي نقي صاف، غير(مهجّن ويُلحن بأعجمية واضحة )،نعم لوحدة العراق، وإلغاء المحاصصة الطائفية التي تنخر بالعراق، وإنتقلت من الأحزاب الى المجتمع والعشيرة، وتعصف بوحدته وخارطته ومجتمعه،بفضل هذا التخندق الطائفي الهجين، الذي يقسّم العراق، الى بيت شيعي وبيت كردي وبيت سني، ما أفشلكم وأنتم تقزمّون العراق، وتحشرونه في زاوية طائفية، ملّها ومَقَتها وإحتقرها الشعب العراقي، بكل طوائفه واقلياته وقومياته ومذاهبه،لأنها هي مَنْ أوصل العراق، الى قاع الخراب والفساد والفشل، فهل من حكيم يدرك ما آل إليه مصير العراق،تحت ظلّ أحزاب طائفية، تريد للعراق أن يكون تابعاً ذليلاً لقوى خارجية ،وضعيفاً هزيلاً للهيمنة عليه، وعلى موارده وثرواته ،وإذلال شعبه لعصور طويلة ،لا لترميم البيت الشيعي، وتقزيم العراق، نعم لإعادة لبيت العراقي، الحاضن لجميع القوميات والطوائف ،بإبوٍة حانيةٍ وقلبٍ كبير....