د. سحر أحمد علي الحارة / سوريا / اللاذقية


طلبتُ من التّاجر أن يكرمني قليلاً بسعر غطاء قطنيّ مستعمل، فما كان ردّه وبالعامّية غير، ولماذا أكرمك يا ستّ!! 

يعني، وبالمشرمحي أنتو شعب جيوبكنّ مليانة، روحي شوفي بعينك، ما بتلاقي محلّ يساع حدا بمطاعم ومقاهي الشّاطئ وجميعهم يدفعون ثمن طاولات عامرة متنوّعة باللحوم والشّراب؟! 

العترة علينا إحنا التجّار المشحّرين المتهومين، قلت في نفسي هذه الأساليب من التجّار معروفة!! 

ومن واقع آخر عطفت إلى سوق الخضار والفواكه، ورأيتُ بأمّ عيني سيّدةً تشتري خياراً وبندورةً بالعدد، وتبتاع الخضار أجزاء من خسٍّ وملفوفٍ لتصنع طبق سلطة!!

وتساءلت بيني وبين نفسي: هل هذا التفاوت وتسارع النّاس للصرف بهذا الشّكل طبيعي إمّا أنّ النّاس رأت أنّ المال المخبّأ قيمته تخفّ لو خُزن، فيسارعون لصرفه قبل فوات الأوان.. أو أنّهم في الحالة الثانية وهي السائدة يشترون طعاماً بدقّةِ العدد لأنّ أحوالهم الماديّة -ونتيجة الحصار الغربيّ- تدهورت وتقتضي ألّا ترمي فضلات، وخصوصاً أنّهم فقدوا سيطرة الحفاظ عليها من خلال البرّادات الكهربائيّة!! 

سمعنا ومازلنا نسمع أنّ بعض النّاس اليوم تبيع مقتنيات وعقارات ملكيّة خاصة موروثة لضرورة العيش الكريم المعتادين عليه.. 

أيضاً غيرهم وغيرهم من قامات النّاس الشّريفة يعمل ولو مكرهاً -ولا خيار له- في أماكن لم يعتد عليها.. كلّ هذا لئلّا يمدّوا أيديهم لأحد ممّن يبتزّ حاجتهم بالتفضّل والتمنّن.. 

إنّه المواطن السوريّ الجبّار الشديد الكبرياء؟! 

في كلّ أنحاء العالم الرأسمالي والنّامي هناك أثرياء وهناك محتاجون وفقراء يعني "ناس بطرانة وناس طفرانة".. 

أمّا الطفرانة، فمنهم من عنده كرامات ويحاول أن يظهر مظهر العالم الراقي وخصوصاً أولادنا شبابنا وصبايانا على حدّ تعبيرهم ولو كان على حساب أدنى طاقة ماديّة يمتلكها أهاليهم..

ولو سألنا البعض يرد قائلا: إنّ الأكل الجاهز في المطاعم أوفر أو أسهل بكثير من تحضيره وطبخه في المنزل، حيث مواده ومستلزمات طهيه.. 

كما أنّ هناك شريحة مجتمعيّة أخرى تحاول القرض أو الاستلاف لشراء لوازم تدفئة وتعبئة سيارات بأسعار مرتفعة من هنا وهنا، نتساءل كيف يتمّ هذا التّفاوت بين الشّاري والبائع؟! 

وكيف أنّ هذا الحال تعوَّدْنا عليه.. أملاً بأنّ الصبر على الحصار الغربيّ لا بدّ أن يكون طريقاً الى تحقيق الٱمال، وهنا يكمن التفكير الجدّي على أمل أن يأتي الفرج أو هل بات كلٌّ يغني على ليلاه في دنياه..

نتساءل أيضاً عن مراءات بعضهم.. ترى هل عندما نرى الأناقة والرتابة لدى الأغلبيّة، فنحكم على مظاهر خارجيّة ربّما تكون واجهة، كقول المثل الشعبيّ: من برّا رخام ومن جوّا سخام، أي المظهر شيء والمكمون شيء آخر، أي عندما تزور وترى عن كثب بيوت هؤلاء ترى ألف نقص وعيب داخل بيوتهم.. 

يجب ألّا نرى بعين واحدة، فكلام الشّبعان ليس مثل كلام الجوعان!!

إنّها لعبة الخارج والداخل!!

أم إنّها تفاوت طبقات مجتمعيّة، وربّما الأقدار أحياناً تتهمها الأبصار!!

أو ربّما ما يزيد الطين بلة أنّها دوامة الأزمة اللعينة!! 

.. وإلى ذلك كلّهِ، فنحن سنفتتح بوّابة المستقبل بتفاؤلِ المؤمن بالوطن والمؤمن بعراقةِ المواطن الاجتماعيّة الواعية، والتي تشكّلت عبر عصور من عبقريّة موقع الحَضارات السوريّة المتتالية، والتي جلبت إليها شراسة الحِصارات الموغلة في الزمان والمكان !!