نضال العضايلة
حسبتها إمرأة عادية، تتكىء على مساحات الزمن، تتناثر أمام الصعاب والتحديات كأنها ذرات رمل.
لا، كيف ذلك أنها إمرأة مختلفة، إمرأة حملت صولجان المجد، أُشرعت أمامها الأبواب، فتحت كل قنوات العز والفخار.
إمرأة إستثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بحثت عنها في كل مكان، في الركن البعيد الهادىء، في تفاصيل الشعر والنثر، في كل مساحات الكتابة، في اروقة السنوات الأخيرة، لها حروف كأنها تكتب من ضوء القمر، انها حقا رائعة من روائع الزمن الجميل، زمن الحريه، زمن يعيد للذاكرة تفاصيلها.
كأن الوجد العربي انصهر بساحاته وشوارعه، ليطلق من هناك كوكباً درياً اسمه سهام الزريلي، صانعة الحلم في زمن العولمه، سيدة من واقع مرير، لكنها تصر على أن يكون هذا الواقع مزدهرا ينبض بلحظات الفرح بدلا من البؤس والشقاء، ترى الأمور بعين الواثقة من نفسها، وهي كذلك.
اليوم وانا اغوص ببحرك يا ابنة قرطاج، اردت ان القي الضوء على بعض ابداعاتك في بلاد الغربة، تلك التي جعلت من الحرف كلمة ومن الكلمة جملة ومن الجملة سطراً، ومن السطر بيتاً، ومن البيت قصيدة.
فأي إمرأة انتي؟، وأي أنثى انتي؟، تميزتي واتقنتي صناعة المستحيل، وطوعتيه بذكاء وحسن تقدير، إمرأة مرهفة الإحساس، وسيدة مجتمع، وريادية، ومبدعة، هي ايضا القاب تليق بإبنة السنوات الجميلة التي شكلت رؤيتك للمستقبل.
وتتجولين يا سهام كالفراشة، تحلقين بثقافتك العربية وأفكارك في فضاءات لا حدود لها، وتنتقلين بين زهرة وأخرى لتنشرين لمساتك الإنسانية الساحرة هنا وهناك، فتداوين جراح هذا، وتشاركين تلك أفراحها وأحزانها، وتتبادلين الخبرات التي ترتقي بك إلى مصاف المرأة الاستثنائية، انتي سيدة من طراز فريد، جمعك الطموح والشغف بالتغيير للأفضل، تخطت طموحاتك حدود تونس والوطن العربي، لتتفاجئين بأن صداقة عميقة جمعت بينك وبين عالمك الواسع، فجعلت منك رائدة على مستوى عال.
يا ابنة تونس الخضراء، لم تعولين يوما على إرث عائلتك المشرف ولم تستغلين أسمها وسمعتها النظيفة بل مشيتي في طريق العصامية المجدة، رغم فخرك بما تملكه عائلتك من ارث بما قدمته لوطنها وأمتها إذا لاننسى جميعا ان تونس العزيزة هي ام الثورات العربية، فقد قادت الوطن العربي في وقت صعب جدا، حتى نال ما نال من العزة والفخر والحرية.
شكلت سهام الزرلي بعصاميتها المثال الحي لمثابرة المرأة التونسية والعربية، والدرس القوي لطموحها المشروع والبناء لتنال باستحقاق ثقة متابعينها في ميادين حياتية مختلفة، وهي الشابة الطموحة، متعددة المواهب، كانت ما تزال في طور البحث عن اداة التعبير، فيما تتصف ببشاشة الوجه والدفء الذي يشيعه حضورها وبساطتها وتلقائيتها ويسر مقربون منها بأنها طيبة القلب وانسانة.
والأهم في هذا كله إصرارها على النجاح والفوز، ليس بالجوائز العالمية، وإنما بالوصول إلى عقول البسطاء والناس العاديين، الامر الذي حقق لها نوعا من التكامل الذاتي معبرة عن نفسها بنفسها دون اللجوء للعائلة او العشيرة، فدخلت القلوب من اوسع الابواب واحتلت مكانة مرموقه في مجتمع ذكوري اسست لها فيه مكاناً صلباً.
وترى سهام أن السيدات لديهن إدراك بأن كل القضايا الموجودة في المجتمع هي تخص في نهاية المطاف المرأة باعتبارها الوحيدة القادرة على خوض معاركها للحصول على كامل حقوقها في المجتمع، وهذه هي المرأة التي عرفها الكثيرون، بطموحها ومثابرتها فهي مصرة ان تسلك طريقاً اخر غير ذلك الذي جعل من وجودها بين نساء المجتمع العربي حالة فريدة من نوعها.
0 تعليقات
إرسال تعليق