بقلم/حسن راسم محمد


ليس كل قارئ مثقف،ولكن كل مثقف قارئ


" قد انتشر هذا المصطلح بشكل كبير جدا  بين الاوساط الاجتماعية وأصبح له رواجا كبيرا بين عدت فئات وعدت أصناف من الفئات البشرية وأطلاق لفظ المثقف على المرء هو للدلالة والوصف والتعبير عن المعرفة الكبيرة التي قد يتميز بها هولاء وعن حجم التأثير الذي يملكوه في اوساطهم المجتعية،

وفي البرهة الأخيرة من الزمن أصبح هذا اللفظ يطلق على أشخاصا كثر على الرغم من التناقض والفرق الكبير مابين حقيقة هذا اللفظ ومابين هولاء الأشخاص الذين يحاولون الألتصاق به والفخر والتبج بمسمياته من دون وجود أي علاقة منسجمة بينهم وسنتكلم بتوفيق الله عن المثقفون الحقيقيون وعن المثقفون المزيفون محاولين التبحر قدر الإستطاعة في سرد ماتخبي لنا شخصياتهم وسلوكياتهم الظاهرة افعالا وأقوالا والتكلم عن حجم التأثير الايجابي والسلبي الذي يغرسوه في واقعهم الاجتماعي"



المثقفون الحقيقيون


"قبل ان نتكلم عن المثقفون الحقيقون ونسرد شخصياتهم وسلوكياتهم في المجتمع لابد أن نتطرق أولا عن تعريف المثقف بشكل مبسط تفهمه العقول فقد عرف المثقف بأنه الشخص الذي يملك محصلة واسعة من العلم والمعرفة،فالتعريف العلمي يبين لنا بأن الشخص المثقف الواع والذي لابد ان يطلق عليه لفظ مثقف هو يجب ان يتحلى بإمتلاكه ملكة معرفية كبيرة ومنفتح كثيرا على العلوم والمعارف والذي بهما يكون فكره ويكون سلوكه وعلى ضوئهما ينطلق لآداء رسالته المعرفية مابين الناس،

إن المثقف الحقيقي هو ذالك الشخص الذي قد غذى عقله وفكره بكل ماهو حسن وبناء وماهو قيم من المعارف والعلوم والافكار ثم انتقل بعد هذه المرحلة العظيمة من التعلم والتدرب من الانعكاف على البحث عن الحقيقة والمعرفة والجد هنا ينتقل المثقف الحقيقي الى تأدية دوره بالتغيير نحو نفسه ونحو مجتمعه وذالك عن طريق تحويل كل ما تعلمه وكل ما قرأه من علوم ومعارف الى سلوكيات تظهر واضحة وجلية على أقواله وأفعاله وذالك يقينا منه وإيمانا راسخا بإن الشخص المثقف هو الشخص الذي تتوائم اقواله مع افعاله وتتحول شعاراته الى تطبيق وواقع عملي متدرجا من نفسه أولا ومن ثم بعدها ينتقل الى الدعوة لها مابين الناس،

إن المثقف الحقيقي هو الشخص الذي انتقل بمراتبه العلا من اول الهرم الى ان ارتقى الى قمة الهرم ومجده حيث تجده بأنه شخصا لا يحب الظهور او يحب المكابرة وتعظيم شخصيته أمام الآخرين فتجده بأنه شخصا متواضعا راقيا بفكره وراقيا بأخلاقه وسلوكياته وراقيا برسالته التي يحملها وذو سموا في إسلوبه في دعوة الناس الى هذه المعارف فهو شخصا قد وصل مرحلة متقدمة ومتميزة من الإرتقاء الفكري والاخلاقي ولا يكاد يستمر بواحدة دون الأخرى فهو ينظر بإن النمو الفكري والازدهار المعرفي لابد ان يكون منوطا بتطبيقا أخلاقيا على أرض الواقع فيصبح الإثنان مكمل بعضهما للآخر ولا يمكن ان تميل الكفة بواحدة دون الآخرى،

إن المثقف الحقيقي هو شخصا لديه رؤية واسعة ولديه روحا جامحة في التغيير والدعوة الى التغيير فهو يمتلك روحا ثائرة تدعوه ان يقاوم كل الافكار وكل القيم والمبادئ المنبوذة والمخالفة لقواعد العقل والمنطق والعلم فهو يوازن مابين قواعد المعرفة ومابين دعوة الناس لها إذ لا يشعر المثقف الحقيقي بإنه إنسانا واعيا وعميقا إذا لم يؤدي دوره الفعال في مجتمعه والنهوض به نحو الغايات العظيمة المنشودة فالمثقف الحقيقي هو إمتزاجا كبيرا بين تعلم العلوم وبين الروح الثائرة ضد الواقع الجاهل وضد كل الافكار العوجاء، 

هو منغسما بين التعلم وثائرا في نشر هذه العلوم التي تريد بالطبقة البشرية ان تسموا وتعلوا وأن تكون صاحبة رأي عظيم وصاحبة شخصية مستقلة غير تابعة ولاهثه وراء التقليد والجمود الفكري والثقافي حيث إن الرسالة التي يسعى لها الشخص المثقف ويجاهد من اجلها هي رسالة التغيير ورسالة التجديد ورسالة التطوير ضد كل اشكال الانغلاق المعرفي والقيمي المخالفان لمعالم النمو والتحضر،

فالمثقفون الحقيقون هم القادة وهم القدوات الحقيقين الذين يغذون العقول بالإدوية الناجعة ضد امراض الافكار وضد هزالة واضمحلال المعارف والسلوك وهم كالنحل لا يخرج منهم الا ماهو نافعا وحسنا وهم كالورود الفواحة لا ينبعث منهم الا أطيبها وازكاها وهم مصابيح تنير عتمة الطرق المعرفية الموحشة وهم كنسمات هواء الفجر تعيد للأنفس والعقول نشاطها"



المثقفون المزيفون


"إن لفظ التزييف هو معاكسا ومغايرا لمصطلح الحقيقة وهذان الضدان يطلقان على كافة مجالات الحياة على الجماد والحياة،

كثيرا في واقعنا الاجتماعي نرى بإن بعض الناس تطلق على بعض الأشخاص بإنه شخصا مثقفا واعيا ولديه فكر سمت وصاحب معارف كبيرة ولكن عند التدقيق والتمحيص والتبحر بشخصيته نجد بإن هذه الصفات التي اطلقت عليه هي صفات تعتريها الحقيقة وفيها من التزييف  والتشويش وشيئا من الضبابية إذ عندما نرى هولاء النفر ممن يقال عنهم بإنهم مثقفون هم اشخاصا بارعون أحيانا في المعارف وبارعون في الثقافة القولية لكنهم في الجانب الآخر هم اشخاصا يسيرون هذه المعارف لمصالحهم الشخصية وذالك من خلال المغالطات والاكاذيب التي يدسونها بأقوالهم واقلامهم وافكارهم الى الناس وذالك من اجل إرادات ومن اجل غايات بعضها مدفوعة وبعضها خلفها نوايا أخرى فهنا يتحول هذا المسمى من أنسانا مثقفا الى شخصا مزيفا لإنه ناقض نفسه وناقض أخلاقه وضميره وناقض كل شيء فيه وجافى الحقيقة من اجل عواطفه أحيانا او من اجل تمييع الحق وجعله باطلا من خلال إظهار الباطل بلباس الحق ومن خلال تلبيس الناس أفكارا واقوالا من شأنها ان تجعلهم مبعثرين فكريا وتجعلهم تائهين في بحار الافكار، خصوصا إن بعض هولاء يمتلكون معارفا كبيرة ولديهم أساليب وطرق رقيقة عالية المنال تجعل العيون والعقول التي تشاهدها تستسلم لها مباشرة دون أي شك او تكذيب او إعتراض فهنا الرسالة التي يؤديها هولاء هي رسائل مسمومة وهدامة ليس فيها اي نوع من الحقيقة او الاخلاق،

المثقف المزيف هو ذالك الشخص الذي قد لبس عدت وجوه وتقلد عدت شخصيات في كل لقاء وفي كل حوار يظهر بوجه مخالفا للآخر وهو بعيدا عن الحقيقة وهي بعيده عنه وهو شخصا لم يعرف الثبات ولن يعرف المعايير الانسانية فعندما يغير بعض من هولاء الصور الواقعية الى تأويلات كاذبة في عقول العامة او السواد الاعظم فهذا إنسان تجرد من انسانيته وتحول من وجه الحسن الى القبح ومن المعروف الى المنكر وتلبس بلباس الشيطان الذي يأتي بدور المشفق على الأنسان من خلال افكاره الرديئة ووساسه المبعثر وهو في الحقيقة يريد بهذا الانسان الهلاك والغرق في بحار الرذائل وبحار الشك"


"كطبقات اجتماعية ومتخصصين من المثقفين الحقيقيون لابد ان يؤدي كل واحد منهم دوره في بذل الجهود من اجل فضح هكذا اشخاص قد أعطاهم احيانا الاعلام وقد اعطاهم بعض السذج مقاما عاليا وهم في الحقيقة اناسا لا يمثلون العلم والاخلاق وذالك لغياب الدور الايجابي الدي يحتم عليهم ان يكونوا مع الناس اكثر صدقا واكثر عدلا واكثر نضجا في الافكار،فقد اخفوا رسالة الانسان المثقف وتلبسوا بلباس الدجل والأفتراء والانقلاب على النصوص والمتون من خلال قلب المعاني والافكار،فمثل هولاء يجب ان يكونوا في قمامة التاريخ وذالك لدورهم البائس ولتغليب مصالحهم الشخصية على مصلحة المجتمع ولأن الانسان المثقف هو شخصا يسعى الى إنشاء قواعد وأسس معرفية وحقنها في عقول الناس منتظرا وصامدا من خلال هذا الفعل الى خلق جيل لايعرف التقليد ولا يعرف الجهل ولا يعرف معنى الرضوخ والاستسلام،يمتلك العزة ويمتلك القوة ضد كل الاخطار الثقافية والفكرية"