حسن راسم محمد


قال تعالى:((اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم،وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون))


"التدين المزيف قد يكون انكى على الامم من الإلحاد الصارخ"


"دعت شريعتنا الغراء بنصوصها الهادفة والمباركة على التمسك والإقتداء بالمنهج السليم الذي رسمته للعباد جميعا وذالك من خلال القوانين والتوجيهات التي ذكرت ما بين سطورها المباركة والتي تسعى من خلال هذه القوانين والتوجيهات الى تنظيم العلاقات مابين العباد وخالقهم ومن ثم تنظيم العلاقات بين الناس جميعا،

 ثم ركزت على تحويل هذه النصوص المقدسة من السطور النظرية الى الواقع العملي وذالك لتحقيق المراد الاكبر والاهداف المنشودة من هذه النصوص،وما بين هذه النصوص فهما وتأويلا افترق الناس الى مذاهب ومشارب وكانت لهم غايات متعددة فمنهم من يريد الآخرة ومنهم من يريد الدنيا ومن ثم ظهر طرفا آخر ثالثا تلبس وتستر خلف الشريعة المطهرة من اجل تحقيق مصالحه الشخصية ومن اجل تحقيق غاياته الدنيوية التي يسعى لها فهو بالأحرى مدعيا بها ولم يكن مطبقا لها بالشكل الذي اراده الله عز وجل ثم رسوله الكريم عليه الصلاة وأتم التسليم،

وسأتكلم بأذن الله العظيم وتوفيقه عن اقسام المتدينيين وأحاول ان اسرد ما تشاهده الاعين وتسمعه الأذن من القصص والكلام الذي يخرج من صميم الواقع الاجتماعي"


المتدين الحق


"إن هذا النوع من الأشخاص قد قرأ واستقرأ النصوص الدينية وفهمها فهما عميقا بحيث جعلته إنسانا يقوم بتحويل كل ما قرأه من التعاليم والتوجيهات الربانية الى سلوكيات إيجابية يشاهدها الناس ويلتمسها الآخرون من خلال التعامل المباشر معه،فهو إنسان قد عرف الحقيقة وقد عرف الاستنباط الصحيح وتعمق في المعاني الكبيرة في فهم ماهية الحياة الدنيا وزخرفها وكان مؤمنا حقا ومسلما لهذه التوجيهات العطرة لما فيها من خير ونفع جم على الأمة جميعا وعلى الأفراد  في محتلف أديانهم ومذاهبهم،

فعندما يقرأ القرآن الكريم ويقرأ الأحاديث النيرة يعي جيدا هذه الخطابات التي تخاطب البشر جمعاء بأن يكونوا ملتزمين بها إلتزاما عقديا وإيمانيا روحيا وتطبيقا سلوكيا والتأكيد المكثف على تحويل هذه الكلمات الى واقع حقيقي يلمسه المرء في واقعه المجتمعي،فعندما يقرأ عن الصدق تجده ملتزما بحديثه وكلامه الخالي من كل الشوائب ومن الكذب ومن الشك والريب فهو صادقا بحق وبكل حرف ينطق به،وعندما يقرأ عن الواجب الاخلاقي تجاه الجار وكيفية التعامل معه ستجده إنسانا حريصا جدا على المحافظة على هذه العلاقة وتقوية أواصرها بكل الأشياء الإيجابية والأفعال التي من شأنها ان تجعل الجار يحب جاره ويضعه في دائرة الأحترام والتقدير والأجلال،وعندما يقرأ عن التراحم وعن الرحمة بعباد الله تجده شخصا قلبه كاللبن المصفى يحب ان يرحم الناس وان يكون عطوفا عليهم مقدما كل مابيديه من الخدمات الانسانية التي من شأنها ان تخفف من كاهل الفقراء والمحتاجين واصحاب الاحتياجات الخاصة فتجده دائما سباقا ومتميزا بالاعمال الخيرية والانسانية التي تصب في إعانة وخدمة ممن يحتاجونها وبلا ملل ولا كلل،وعندما يقرأ عن وجوب قول الحق لم تجده يسكت عن الكلام البذيئ والسيء والذي هدفه  الطعن بالناس والتصغير من مقامهم،وعندما يقرأ عن الأواصر والتعاون تجده أيضا إنسانا محبا للجماعة نابذا للعنصرية والفرقة متعاونا على الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وسباق دائما في فعل الصالحات في تدعيم قواعد المحبة والألفة،

فالمؤمن الحق هو إنسانا كان صادقا مع الله فصدق مع الناس وكيف يكون ذاك ??

فتصديقه لله هو إيمانه الحق ثم مجاهدة نفسه من اجل تحويل ما قرأه من تعاليم الله ورسوله الى سلوك جيد وهادف ذو ثمرة راقية تسمو بشخصيته ومن ثم شخصية الأفراد فالأنفس تميل وتحبذ السلوك اللين والرائع، فتذيب القلوب حبا به وبناطقه،

وصدق مع الناس عندما عرف ماهية التعامل المطلوب معهم وفهم الناس فهما كبيرا فهو يحبهم ويكرمهم ولا يحاول ان يقلل من شأنهم ومقامهم ابدا ولا يستهزأ او يستحقر بشرا أيا كان ومن أين دين كان،فالكلمة الطيبة يصرفها الى الناس جميعا بدون استثناء وتعامله الخلقي نابعا من فهمه لكتاب الله وسنة رسول الله متخذا من الاثنين عقيدتا ومنهاجا وفكرا وسلوكا"


المتدين المزيف


"هم اولئك الذين تربع الشيطان في عقولهم وتلبس في نفوسهم فجعلهم يتناقضون في تطبيق شريعة الله وجعلهم ينحرفون إنحرافا كبيرا في تطبيقهم لنصوص الله،

فهم إن قرأوا لا يفهموا وأن فهموا تجاهلوا وحاول مدعين بانهم اهل صلاح وأهل تقوى في ظاهر أقوالهم ولكنهم في الافعال فهم كبعد المشرقين والمغربين لا تجد لهذه الاقوال وهذه الإدعاءات أي اثر على سلوكهم وهذا الصنف من الناس صنفا منبوذا سيئا حاول ان يدلس على الناس من خلال ما يظهره لهم من الاقوال الجميلة المنمقة وذالك لك يحقق هدفه في كسب الناس وتسييرهم له ولمصالحه الشخصية، وهو يعلم او لا يعلم بأنه بهذا السلوك الذي ينتهجه هو خائن للتعاليم الالهية التي تدعوه ان لا يكتف بالقول فقط وإنما ان تتحول هذه الاقوال الى أفعال، وإلا ما فائدة الشجر بلاثمر، ومافائدة الماء إن كان مالحا،وما فائدة الورد وهو ليس فيه اي عبق،

إن هذا الصنف هو صنفا لا يرقى ولا يسموا أبدا مازالت النوايا السيئة متغلغلة ومتجذرة في فكره وأفكاره وفي جميع سلوكياته فهو شخص يريد من جراء هذه السلوكيات التي يؤديها بكل دقة ان يحقق مآربا أخرى مآربا تصب في خدمته وفي تحقيق ما يرموا له من ملذات الدنيا وزخرفها،فلباسه لباس المتدين وقوله قول المتدين ولكن افعاله في السر هي أفعال دنيئة وكل هذه الهيئة وهذه السلوكيات هي خارجة عن المنهج السليم والقويم الذي رسمه لنا ديننا الخالد"



"أن الدين الاسلامي هو دين خالد ومعجز ولا يمكن ان يمحوه شخص او جماعة او يزول يذكره،وإنما الخلل يكمن في الاشخاص الذين يدعون تطبيقه بالشكل الصحيح على أرض الواقع فهم على مفترق طرق كما اسلفنا ووضحنا الاصناف،

كل شخص وكل مصلح في هذه الحياة الواقعية التي نعيشها مطالب بأن يعري هولاء النفر الضال المنحرف عن دين انحرافا فكريا وأخلاقيا وسلوكيا،فلباس التدين الخارجي يحتاج الي لباس تدين من الداخل ينقي الانسان من كل قول او فعل سيئ لا يليق به وبما يدعي به،

وأن ينشروا الثقافة الدينية المستنبطة من دين الله القويم وبفهم العلماء الربانيين الحقيقيين الذين لا يعرفون الكذب والتدليس والتحريف في دين الله،

فالمتابع للواقع الاجتماعي الذي نعيشه يرى بأم عينه الخطورة الفكرية التي يواجهها المجتمع وخصوصا الشباب حيث إن كل تيار يدعوا الناس إلى إتباعه والاقتداء به وذالك للفوز والنجاة، وفي الحقيقة إن بعض هذه التيارات هي تيارات منحرفة وهدامة إن نشرت افكارها واستقطبت اشخاصا لها فإنها بالأحرى ستهدم المجتمع وستجعل الأنسان المختلف عقديا او مذهبيا يعيش في جو يملئه الخوف وعدم الاستقرار،

وعلى المرء ايضا ان يكون أكثر فهما ووعيا في معرفته للأصناف التي تدعي بدين الله الكريم وأن يعرف جيدا أن دين الله هو خط أحمر لا يجوز التعدي عليه ولو بحرف واحد وأما ما دونه فهو على عدت احوال وظروف مابين حق وباطل ومابين مفتر وكاذب ومابين من يريد الدنيا ومابين يريد الآخرة"