سمير داود حنوش

يقولون حدّث العاقل بما لا يُعقل فإن صدّقك فلا عقل له، لننظر إلى هذا المثل من زاوية أخرى ونستبدل العاقل بالمجنون لنستنتج أننا كنا واهمين في الحكم على هذا المجنون.
حادثة الهروب الجماعي من سجن الحسكة إلى خارج أسواره وتداعيات القلق العراقي الذي يعيد إلى الأذهان تلك السيناريوهات المتكررة في الهروب التي كانت تحدث في سجون العراق وأهمها ذلك الهروب الجماعي من سجن أبو غريب الذي سبق بوقت وجيز إحتلال مدينة الموصل ومدن أخرى، فالعراقيون يقرأون الأحداث بتسلسل متناسق وبإدارة مخرج واحد يُدير هذا الفلم مع تواطئ جهات داخلية وخارجية لتسهيل الأمر.
غرابة الأمر في مخيلة العراقيين أن يكون الهروب جماعي من سجن في غاية التحصين وقد يُثير أكثر من سؤال عن كيفية حدوث عملية الهروب من سجن يضم أعتى مجرمي الإرهاب؟، ولماذا يتكرر سيناريو العراق في سوريا وبالتنسيق مع من؟ علماً أنه طالما راودنا سؤال لم نجد له إجابة حتى كتابة هذه السطور وهو لماذا لايحدث هروب جماعي من سجن غوانتينامو مثلاً المليء بأعتى مسميات القاعدة؟.
مايخشاه العراقيون من تداعيات تكرار ذلك المشهد المخيف من عودة الإرهاب إلى مناطقهم خصوصاً القلق من أن تمتد قضية الهروب ( المتواطئ) إلى سجون سورية اخرى كسجن (الهول) الذي لايقل خطورة عن الحسكة وتدفق هؤلاء الى الداخل العراقي .
ماتحدث به أبو الآء الولائي أحد قادة الحشد في العراق بتغريدة من أن الوضع الأمني في سنجار والمناطق بين محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك والموصل والأنبار خطير جداً من أن تلك التهديدات في تلك المناطق ليست تدفقات فردية وأنما مخطط مدروس بدأ من أحداث الحسكة.
قد يوحي هذا الحديث إستقراء مؤكد لايقبل الشك بعودة سيناريو كان قد تم إسدال الستار عليه وهو عودة الإرهاب إلى تلك المناطق متزامناً مع مايتحدث به مسؤولين أمريكيين من أن الخطر مازال موجوداً في إشارات إلى ضرورة تواجد اللاعب الأساسي في المنطقة لضمان الأستقرار وإلا فهؤلاء قادمون.
قد تحمل الأيام القادمة مفاجآت قد نتوقعها أو لانتوقعها في ظل متغيرات سياسية تحملها رياح تهب على المنطقة تقلب المعادلات المتعارف عليها، وبالطبع سيكون العراق ذلك البلد الغارق في الفوضى والإرباك في قلب العاصفة ولن يكون بمأمن عنه.
أحداث الحسكة هو عنوان أو مقدمة لسيناريو قادم قد يكون مشابهاً لسيناريو أفغانستان كما يعتقده بعض العراقيين يحمل الكثير لهذا البلد المنكوب وذلك هو المأزق الذي نخشاه.