علي السوداني


تلك‭ ‬هي‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ومن‭ ‬بعد‭ ‬وحتى‭ ‬يوم‭ ‬تمرض‭ ‬وتهدأ‭ ‬وتكتفي‭ ‬بخيراتها‭ ‬وتترك‭ ‬للناس‭ ‬خيراتهم‭ ‬وتذهب‭ ‬الى‭ ‬حسن‭ ‬الخاتمة‭ .‬


هي‭ ‬تزرع‭ ‬كفها‭ ‬الهمجية‭ ‬الجشعة‭ ‬بظهر‭ ‬الذيول‭ ‬الأذلاء‭ ‬الحلوبين‭ ‬وتدفع‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬الجحائم‭ ‬ثم‭ ‬تجلس‭ ‬على‭ ‬كرسيها‭ ‬العالي‭ ‬رجلاً‭ ‬على‭ ‬رجل‭ ‬وتتفرج‭ ‬على‭ ‬الفلم‭ ‬القذر‭ ‬لتحصد‭ ‬منه‭ ‬ما‭ ‬تشتهي‭ ‬وتريد‭ .‬


قالت‭ ‬للخليجيين‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬بطور‭ ‬المحميات‭ ‬اذهبوا‭ ‬وقاتلوا‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬سعيداً‭ ‬ونحن‭ ‬معكم‭ ‬قلباً‭ ‬وبندقية‭ ‬،‭ ‬والحوثيون‭ ‬جماعة‭ ‬صغيرة‭ ‬ستقاومكم‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬وترفع‭ ‬الرايات‭ ‬البيض‭ ‬في‭ ‬المساء‭ ‬،‭ ‬فصدقوها‭ ‬حتى‭ ‬غاصت‭ ‬حربهم‭ ‬العبثية‭ ‬في‭ ‬بالوعة‭ ‬السنة‭ ‬الثامنة‭ ‬الآن‭ !!‬


اليوم‭ ‬دفعوا‭ ‬ذيلاً‭ ‬أوكرانياً‭ ‬صغيراً‭ ‬للعبث‭ ‬بربّاط‭ ‬حذاء‭ ‬الدب‭ ‬الروسي‭ ‬الكبير‭ ‬،‭ ‬فحدثت‭ ‬الحرب‭ ‬وحوصر‭ ‬زيلينسكي‭ ‬داخل‭ ‬سرداب‭ ‬عميق‭ ‬بكييف‭ ‬وهو‭ ‬يتلفت‭ ‬يميناً‭ ‬ويساراً‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬ظهور‭ ‬جنود‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬العجوز‭ ‬والناتو‭ ‬الهارب‭ ‬من‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬الباسلة‭ !!‬


في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬المصنوعة‭ ‬كال‭ ‬العالم‭ ‬بألف‭ ‬مكيال‭ ‬واستعملت‭ ‬أمريكا‭ ‬كل‭ ‬أدواتها‭ ‬التي‭ ‬منها‭ ‬دكاكين‭ ‬الرشوة‭ ‬ولعبة‭ ‬التخويف‭ ‬والترغيب‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬إلى‭ ‬باب‭ ‬كرة‭ ‬قدم‭ ‬الفيفا‭ ‬التي‭ ‬لوحت‭ ‬بإمكانية‭ ‬حرمان‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬بنهائيات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬بمشيخة‭ ‬قطر‭ !!‬


كثرة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬المنقسم‭ ‬كانوا‭ ‬وقفوا‭ ‬وتعاطفوا‭ ‬مع‭ ‬الروس‭ ‬ليس‭ ‬حباً‭ ‬بهم‭ ‬بالضرورة‭ ‬أو‭ ‬قناعة‭ ‬بروايتهم‭ ‬الحربية‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬بغضاً‭ ‬وكرهاً‭ ‬بأمريكا‭ ‬التي‭ ‬أذاقتهم‭ ‬الويلات‭ ‬والهوائل‭ ‬ولم‭ ‬توفر‭ ‬سلاحاً‭ ‬قذراً‭ ‬واحداً‭ ‬إلا‭ ‬واستخدمته‭ ‬بطريقة‭ ‬جبانة‭ ‬ومتوحشة‭ ‬ضدهم‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬هيروشيما‭ ‬وناكازاكي‭ ‬وفيتنام‭ ‬وكوريا‭ ‬،‭ ‬وصولا‭ ‬الى‭ ‬أفغانستان‭ ‬والمصيبة‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬مصائب‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ !!‬


لقد‭ ‬كشفت‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الصغيرة‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬العظمى‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬أذرعاً‭ ‬اعلامية‭ ‬ودعائية‭ ‬فعالة‭ ‬ومتطورة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬ومنتشرة‭ ‬،‭ ‬بعكس‭ ‬الأمريكان‭ ‬الذين‭ ‬يسيطرون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬وسائط‭ ‬الدعاية‭ ‬والتضليل‭ ‬وتصنيع‭ ‬الأفلام‭ ‬القوية‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬واضح‭ ‬تماماً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استثمار‭ ‬ذيولها‭ ‬العرب‭ ‬النفطيين‭ ‬وقنواتهم‭ ‬الفضائية‭ ‬ذات‭ ‬الميزانيات‭ ‬المالية‭ ‬الدسمة‭ ‬والتي‭ ‬بمقدور‭ ‬أشهرها‭ ‬أن‭ ‬تصنع‭ ‬مظاهرة‭ ‬ضد‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬يشارك‭ ‬فيها‭ ‬مائة‭ ‬رداح‭ ‬ورداحة‭ ‬وبكلفة‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬عن‭ ‬شدة‭ ‬دولارات‭ ‬واحدة‭ !!‬


سنواجه‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬لنا‭ ‬إن‭ ‬روسيا‭ ‬تقتل‭ ‬السوريين‭ ‬بسورية‭ ‬،‭ ‬فنقول‭ ‬له‭ ‬وإن‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬واسرائيل‭ ‬اللقيطة‭ ‬كانوا‭ ‬قتلوا‭ ‬ملايين‭ ‬مملينة‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬بغداد‭ ‬شرقاً‭ ‬حتى‭ ‬الرباط‭ ‬غرباً‭ ‬مروراً‭ ‬بالقلب‭ ‬فلسطين‭ ‬التي‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬أوجد‭ ‬فيها‭ ‬الصهيونية‭ ‬القاتلة‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬زودوها‭ ‬بالكعكة‭ ‬النووية‭ ‬والدولارات‭ ‬الدسمة‭ ‬والحماية‭ ‬السياسية‭ ‬التامة‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وافق‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬والعرب‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬صغيرة‭ ‬عاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬فقط‭ ‬؟‭!‬


العالم‭ ‬الجديد‭ ‬يتشكل‭ ‬سريعاً‭ ‬وعلينا‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬المشهد‭ ‬كاملاً‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬ارتداء‭ ‬نظارة‭ ‬طائفية‭ ‬وعرقية‭ ‬مريضة‭ ‬وجاهلة‭ ‬تسحلنا‭ ‬صوب‭ ‬الجحيم‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬لنا‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬وساق‭ ‬وكراهية‭ .‬