ابراهيم الدهش
كان يا ما كان ، عبارة جميلة ترددها أمهاتنا كمقدمة لكلّ حكاية خياليّة او قريبة من الواقع. تحكى لنا في الليل أثناء الخلود إلى النوم عندما كنا صغاراً في الصفوف الأولية من مراحل الدراسة الأبتدائيّة لكي نصحو باكراً وخاصة عندما يكون الدوام ( صُبحي !! ) هذه هي المفردة التي ما زلنا نتداولها عندما يكون الدوام صباحي ، في نفس الوقت الذي كان الطربوش و قطتي والبلبل الفتّان و بصحبة البزاز و الزورق من أهم دروس كتاب قراءتي . في وقتها كانت محفوظة ( العيدُ ) ، التي لا نلفظها إلا محركة ؟؟ وخاصة في نهايتها عند حرف الدال بعد وضع الضمّة في نهاية الكلمة وأثناء القراءة ، والجميل أيضا أن نجد انفسنا من خلال المتابعة كأنما في أحد أيّام العيد والسبب يكمن ، إمّا لسهولة مفردات المحفوظة أو لبساطة الجمل ،و ربما لطيبة وخلق معلّم اللغة العربية و حنانه الأبوي . لذلك كنّا نحفظها بسهولة عن ظهر قلب و دون تكلّف ، وإلى يومنا هذا هنالك من يتغنّى بها ويستذكر ذلك الماضي الجميل المفعم بالطيبة والنقاء والخالي من الهموم والآهات والشوائب .نرددها في الصغر صباحاً ومساءً من البيت الى المدرسة وبالعكس . في الشارع وعند الأزقة والدرابين ، رافعين رؤوسنا الى الأعلى ونطيل النظر وبتمعن إلى بيوت المحلّة ونحسبها بيتا بيتا، وبعض الاحيان نجمع تلك البيوت ونستذكر من خلالها ماحفظناه من درس القراءة في موضوع دار داران دور .. تعلمنا قواعد اللغة العربية الصحيحة وقاعدة احترام الآخر رافعين راية تطبيق الحديث النبوي الشريف ( احترام الكبير والعطف على الصغير ) على أرض الواقع ، ونحن في الصفّ الاوّل و الثاني والثالث الابتدائي . ورغم جماليّة تلك الفترة و التعايش اليوميّ مع درس القراءة ، كنّا نخاف من درس الاملاء ورغم ذلك الخوف والرهبة تعلمنا الخطّ السليم و حفظ المفردات والحروف الصعبة ، وأصبحنا نميز مابين التاء ( المربوطة ) والمفتوحة والضاد اخت الصاد او الطاء والهمزة عكس ما نقرأ اليوم في كتابات البعض وخاصة من هذا الجيل رغم وصولهم إلى مراحل متقدمة من الدراسة والسبب يكمن ليس فقط عند هؤلاء الطلبة ولكن الجميع يشترك في تحمل مسؤولية الإخفاق . امّا من اسباب نجاح التلاميذ وحفظهم لدروسهم هو شخص المعلم أي معلّم اللغة العربية في تلك الفترة حيث يمتاز بشخصية قوية،والشدّة في تعامله مع التلاميذ إضافة الى عطفه الأبويّ وحنانه ، وهذه الميزة للاسف لا تتوفر الان . لذلك نستذكره بطيب ، فاذا كان من الأحياء والتقينا به عن الطريق الصدفة فإنّنا نهابه ونحترمه في آن واحد وكأننا تلاميذ لحد الان ، وقد نترحّم عليه اذا فارق الحياة عندما نسترجع شريط ذكريات الماضي الجميل . اما أجمل ما في درس الاملاء هو عند تصحيح الدفاتر الاملائية ، حيث كان لكلّ مادة دفتر مخصص للواجب البيتي والمدرسي ، وأثناء توزيع الدفاتر الإملائية وعند سماعنا بدرجة ثمانية من عشرة او تسعة من عشرة ، نفرح ونتراقص بهدوء كطيور الجنة وشهقاتنا و زفراتنا تخرج بسرعة من شدة الفرح ، وقبل أن ينطق المعلم بأعلى صوته في حالة تصحيح المفردات لأحد التلاميذ دون خطأ بمعنى الدرجة ( عشرة من عشرة ) وبعد أن يلفظها المعلم باعلى صوته يصبح هذا اليوم وكأنه يوم عيد من أعياد ايام زمان !! ونخرج في ( الحَلة ) اي عند الخروج في نهاية الدوام نتسابق رافعين دفتر الاملاء وهو مفتوح والصفحة التي فيها التصحيح وكتابة ( العَشرة ) نؤشر عليها بإصبعينا مع توقيع معلمنا بجيد جدا او أحسنت اما شعور الوالد في حينها فهو شعور لايوصف وكأنّه يحتفي بزواج ابنه البكر فيكرمنا بخمسة او عشرة من الفلوس وهي العملة النقدية التي نتعامل بها في تلك الفترة حيث كانت الدراهم والخمسة والعشرين والمئة أو ماتسمى ( ميّة ) وايضا هما عملات معدنية متداولة . أمّا كراسة الخط العربي فلها الدور الاساسي في تحسين الخط رغم ان بعض معلمي اللغة العربية حين ذاك لا يعطيها اهميها حيث كان يعوضها في ممارسة الخط عندما يطلب منا كتابة درس القراءة ثلاثة مرات او أربعة .. إضافة إلى درس العلوم الذي استذكر فيه موقفاً جميلاً ، لن أنساه ابدا ..
كان يا ما كان ، عبارة جميلة ترددها أمهاتنا كمقدمة لكلّ حكاية خياليّة او قريبة من الواقع. تحكى لنا في الليل أثناء الخلود إلى النوم عندما كنا صغاراً في الصفوف الأولية من مراحل الدراسة الأبتدائيّة لكي نصحو باكراً وخاصة عندما يكون الدوام ( صُبحي !! ) هذه هي المفردة التي ما زلنا نتداولها عندما يكون الدوام صباحي ، في نفس الوقت الذي كان الطربوش و قطتي والبلبل الفتّان و بصحبة البزاز و الزورق من أهم دروس كتاب قراءتي . في وقتها كانت محفوظة ( العيدُ ) ، التي لا نلفظها إلا محركة ؟؟ وخاصة في نهايتها عند حرف الدال بعد وضع الضمّة في نهاية الكلمة وأثناء القراءة ، والجميل أيضا أن نجد انفسنا من خلال المتابعة كأنما في أحد أيّام العيد والسبب يكمن ، إمّا لسهولة مفردات المحفوظة أو لبساطة الجمل ،و ربما لطيبة وخلق معلّم اللغة العربية و حنانه الأبوي . لذلك كنّا نحفظها بسهولة عن ظهر قلب و دون تكلّف ، وإلى يومنا هذا هنالك من يتغنّى بها ويستذكر ذلك الماضي الجميل المفعم بالطيبة والنقاء والخالي من الهموم والآهات والشوائب .نرددها في الصغر صباحاً ومساءً من البيت الى المدرسة وبالعكس . في الشارع وعند الأزقة والدرابين ، رافعين رؤوسنا الى الأعلى ونطيل النظر وبتمعن إلى بيوت المحلّة ونحسبها بيتا بيتا، وبعض الاحيان نجمع تلك البيوت ونستذكر من خلالها ماحفظناه من درس القراءة في موضوع دار داران دور .. تعلمنا قواعد اللغة العربية الصحيحة وقاعدة احترام الآخر رافعين راية تطبيق الحديث النبوي الشريف ( احترام الكبير والعطف على الصغير ) على أرض الواقع ، ونحن في الصفّ الاوّل و الثاني والثالث الابتدائي . ورغم جماليّة تلك الفترة و التعايش اليوميّ مع درس القراءة ، كنّا نخاف من درس الاملاء ورغم ذلك الخوف والرهبة تعلمنا الخطّ السليم و حفظ المفردات والحروف الصعبة ، وأصبحنا نميز مابين التاء ( المربوطة ) والمفتوحة والضاد اخت الصاد او الطاء والهمزة عكس ما نقرأ اليوم في كتابات البعض وخاصة من هذا الجيل رغم وصولهم إلى مراحل متقدمة من الدراسة والسبب يكمن ليس فقط عند هؤلاء الطلبة ولكن الجميع يشترك في تحمل مسؤولية الإخفاق . امّا من اسباب نجاح التلاميذ وحفظهم لدروسهم هو شخص المعلم أي معلّم اللغة العربية في تلك الفترة حيث يمتاز بشخصية قوية،والشدّة في تعامله مع التلاميذ إضافة الى عطفه الأبويّ وحنانه ، وهذه الميزة للاسف لا تتوفر الان . لذلك نستذكره بطيب ، فاذا كان من الأحياء والتقينا به عن الطريق الصدفة فإنّنا نهابه ونحترمه في آن واحد وكأننا تلاميذ لحد الان ، وقد نترحّم عليه اذا فارق الحياة عندما نسترجع شريط ذكريات الماضي الجميل . اما أجمل ما في درس الاملاء هو عند تصحيح الدفاتر الاملائية ، حيث كان لكلّ مادة دفتر مخصص للواجب البيتي والمدرسي ، وأثناء توزيع الدفاتر الإملائية وعند سماعنا بدرجة ثمانية من عشرة او تسعة من عشرة ، نفرح ونتراقص بهدوء كطيور الجنة وشهقاتنا و زفراتنا تخرج بسرعة من شدة الفرح ، وقبل أن ينطق المعلم بأعلى صوته في حالة تصحيح المفردات لأحد التلاميذ دون خطأ بمعنى الدرجة ( عشرة من عشرة ) وبعد أن يلفظها المعلم باعلى صوته يصبح هذا اليوم وكأنه يوم عيد من أعياد ايام زمان !! ونخرج في ( الحَلة ) اي عند الخروج في نهاية الدوام نتسابق رافعين دفتر الاملاء وهو مفتوح والصفحة التي فيها التصحيح وكتابة ( العَشرة ) نؤشر عليها بإصبعينا مع توقيع معلمنا بجيد جدا او أحسنت اما شعور الوالد في حينها فهو شعور لايوصف وكأنّه يحتفي بزواج ابنه البكر فيكرمنا بخمسة او عشرة من الفلوس وهي العملة النقدية التي نتعامل بها في تلك الفترة حيث كانت الدراهم والخمسة والعشرين والمئة أو ماتسمى ( ميّة ) وايضا هما عملات معدنية متداولة . أمّا كراسة الخط العربي فلها الدور الاساسي في تحسين الخط رغم ان بعض معلمي اللغة العربية حين ذاك لا يعطيها اهميها حيث كان يعوضها في ممارسة الخط عندما يطلب منا كتابة درس القراءة ثلاثة مرات او أربعة .. إضافة إلى درس العلوم الذي استذكر فيه موقفاً جميلاً ، لن أنساه ابدا ..
0 تعليقات
إرسال تعليق