إبراهيم المحجوب
((لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك))
كل عام هجري وفي مثل هذه الايام المباركة نردد مع انفسنا الدعاء والتسبيح الذي ردده اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة وهم يؤدون مناسك فريضة الحج الاولى في مكة المكرمة بعد ظهور الإسلام..
وفي كل عام يجتمع المسلمون من كل بقاع الكرة الارضية الى هذه البقعة المباركة الى الكعبة المشرفة قبلة المسلمين في شعاب مكة المكرمة وهم يؤدون مناسك الحج والعمرة في هذا الشهر الفضيل... اليوم ومع توفر كل وسائل النقل الحديثة وكل وسائل الاتصالات الموجودة التي انعم الله بها على الانسان ولكننا مازلنا نعيش ونشعر بالقدسية الكاملة لهذه الفريضة المباركة فمهما تطور الزمن وتطورت وسائل الاتصالات وغيرها من وسائل النقل فان فريضة الحج ثابتة وشعائرها مفروضة ولم يتغير شيء سوى معالم الجبال التي تحولت الى اراضي وسهول شيدت عليها البنايات والفنادق الشاهقة لاستيعاب اعداد الحجيج المتزايدة...
ويعيدنا التاريخ الى قبل 80 سنه تقريبا عندما كان الناس يذهبون الى الحج لأداء فريضة الحج وهم يركبون الجمال وهي واسطة النقل الوحيدة في حينها ويقطعون الصحراء متوجهين الى الديار المقدسة وقد تستغرق الرحلة في ذلك الوقت ثلاثة الى سته اشهر تقريباً ورغم مشقة الطريق الا ان الشوق في قلوب المؤمنين لا يمنعهم من أداء فريضة الحج.. كانت الحدود بين الدول شبه مهملة وكانت قوافل الحجيج تدخل الاراضي السعودية بدون جواز سفر ولايحمل الحاج في جيبه مبالغ من الاموال الاجنبية ولم تكن هناك مطاعم في الطريق الا بعض الآبار وحولها يتم بناء كبير من الطين يسمى خان.. وكانت هذه الخانات هي محطات استراحة للقوافل...
كانت فريضة الحج لا تتطلب الاموال الكثيرة اكثر من حاجتها لمتانة الجسم والتحمل والصبر على مشقة السفر ووعورة الطريق وكل ما يحمله الحاج في جيبه كمصروف خاص ربما عدد من الربيات... مع متاع سفر لمدة طويلة وغالبا ما يكون من التمر ودهن الحر مع خبز خاص يسمى خبز(( الرگاگ)) وربما كيس قماش يوضع فيه كمية من المعجنات البسيطة تسمى (الكليچة) التي تقوم ربات المنازل بعملها في البيوت.... كان هناك متعهدين لقوافل الحجاج ومعهم اشخاص يطلق عليهم اسم الدليل وهؤلاء يعرفون تفاصيل الطريق جيدا واين يتواجد الماء واين يستريحون في طريقهم..لحين وصولهم هناك وتأدية مراسم الحج والتي كانت ايضا تحتاج لجهد كون اغلب الاراضي السعودية كانت جبلية والانتقال فيها يواجه صعوبة جداً...
اما اليوم وفي عصر التكنلوجيا الحديثة فقد اصبح الحجاج لا يلاقون اي متاعب في سفرهم وترحالهم فالنقل الجوي موجود والطائرات مكيفة وخلال ساعتين يكون الحاج قطع المسافة بين العراق والسعودية والطريق البري ايضا وباصاته المكيفة ولايستغرق السفر اسبوع واحد فقط.. وتبدأ مراسم الحج من اليوم التاسع لشهر ذي الحجة عند الوقوف على جبل عرفة والمبيت هناك ليتوجهوا الى الطواف وتأدية الاركان الاخرى لهذه الفريضة المباركة ومهما كانت الفوارق في نوعية وسائط النقل الا انه مازالت لسان حال الجميع منذ ذلك الحين ولحد الآن يقول ويردد.
((لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ))
0 تعليقات
إرسال تعليق