أ.م.د مروان عوني كامل
يُنسب الى " فلاديمير لينين " زعيم الثورة البلشفية في روسيا قولُ مأثور لايزال في اعتقاد الكثيريين من أعظم قراءات التأريخ القريب من حيث القدرةً على أستشراف مستقبل الرأسمالية والتنبؤ بأزماتها .. فتحت عنوان ( الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية ) كثف لينين فلسفته السياسية في نظرية متكاملة حول التطور الحتمي للرأسمالية العالمية التي لابد أن تصل يوماً ما الى ذروة تناقضاتها ..
من يقرأ أحداث العالم اليوم بعيون الماركسيين سوف يلحظ أن تصدير تناقضات النظام الرأسمالي نحو الخارج قد يصبح مع الوقت المخرج الوحيد لتأمين النظام من الوصول الى خطر الإنفجار من الداخل في ضوء أزمة أمريكية داخلية لا تزال فصولها تتوالى مع إدارة لم تتمكن حتى الان من الوصول الى علاقة مستقرة بين أجنحتها ومؤسسات الدولة الاخرى وأزمة بريطانيا تبدو بعيدة عن الحل مع أوروبا وأزمة فرنسية داخلية أخذت تشغل الرأي العام في العالم أجمع ..
يخطأ الكثيرون في العالم العربي إذا ما تصوروا أن النمط القديم الذي أمتد أربعين عاماً والذي حكم العلاقة الخاصة بين واشنطن وطهران سوف يستمر بعد الان .. فالتغطية المتبادلة التي كانت تناسب الطرفين لم تعد تجدي مع مفهوم أمريكي لنظام دولي وصل الان الى منتاه ..
لقد جعلت أمريكا تجديد هذا النظام ومؤسساته السياسية والاقتصادية مقروناً على الدوام بحروب كبرى كانت جميعها وفق الإطار الفلسفي التقليدي للرأسمالية التي تصنف العالم بين حلفاء وأعداء .. رغم أن فكرة الحليف لا تعني الشريك في الغالب بل التابع .. ورغم أن فكرة العدو المفترض والمباشر في الحرب لا تعني بالضرورة العدو الفعلي ..
وفق ذلك فقد كانت حروب أمريكا تُشن ضد أعداء معينين لكنها تستهدف أعداء آخرين أكثر أهمية .. على هذا النحو ضربت أمريكا اليابان بالقنابل الذرية في الحرب العالمية الثانية لكنها أستهدفت الاتحاد السوفييتي .. ضربت العراق في حرب الخليج الثانية لكنها أستهدفت مشروع أوروبا الموحدة في ذلك الحين ومن بعدها الصين ..
من هنا فأن حرباً من النوع غير التقليدي (قد) تجري فوق مياه وفي سماء وعلى شواطىء الخليج أو في مكان آخر من الشرق الاوسط بين أمريكا وإيران .. الحرب المفترضة والأقرب الى الحدوث لن تكون تقليدية في أهدافها أو في ساحاتها .. والأهم من ذلك فهي لن تكون تقليدية بأسلوب إدارتها أو المشاركين فيها .. كما أنها لن تكون بأي حال مباشرة بين طرفيها الرئيسيين ..
يبقى أن هذه الحرب وفي ظل الاقتصاد الدولي المعولم سوف تستهدف القرار السياسي في دول كبرى بعينها أهمها الصين (فضلا عن بعض دول أوروبا) التي سوف تجد أن التزامها السياسي مع حليف بوزن أيران لن يتماهى مع مصالح شركاتها التي لابد أن تلتزم بقرار المقاطعة الامريكية ضد زبائن إيران في مجال الطاقة وأستثمارتها ..
هكذا تكون حرب المصالح الإمبريالية لما وراء البحار كما كانت وفق نبوءة لينين أعلى مراحل الرأسمالية ..
0 تعليقات
إرسال تعليق