ابراهيم الدهش

.. تمر بنا الكثير من الشدائد وخاصة في الظروف الحالية الصعبة التي نعيشها اليوم من المشاكل والمحن ودوران المصائب والصعاب  فعندما نقع في مشكلة أو مصيبة او محنة نلجأ إلى الدعاء ونقول 
اللهم الهمنا الصبر والسلوان  
وللأسف الشديد هناك من يفكر بطريقة سلبية عندما يبتلى وآخر يعلم بأن الصبر هو مفتاح الفرج ليتزود به ويذلل جميع الصعاب ، فلو تأملنا في سيّر الأنبياء والمرسلين وحياتهم الكريمة الموقرة نجد من أمر الإبتلاء لهم عجبا ، فهم أشد البشرية ابتلاءاً وامتحاناً ويخطاً الكثيرون إذا ظنّوا أنّ ابتلاء الأنبياء كان لأخطاء ارتكبوها عقوبةً لهم  وكما ورد في قصة النبي أيوب عليه السلام فهذا في غير حق الأنبياء  فقد ابتلاهم الله لحِكم كثيرة غير العقوبة .  
وقد ضرب الله عز وجل في كتابه العزيز مثلا بنبيّه أيوب (عليه السلام) في الصبر على البلاء فقد أعطاه الله من المال والبنين الكثير فأمّا البنون فقد أماتهم الله عز وجل  وأمّا الأموال فقد محقت حتى لم يبقى منها شيئا وأما جسد أيوب (عليه السلام) فقد ذهبت قوته  وأصابته البلايا والأمراض الشديدة حتى وصل به الحال إلى نفور الجميع عنه اضافة الى زوجته صبرت واحتسبت  وقامت على خدمته  فقد كانت تأتيه بالطعام من شغلها ثم ترك الناس خدمتها خوفاً من عدوى المرض  فضاقت بها الحال حتى قامت ببيع ضفائر شعرها لشراء الطعام لنبي الله أيوب  فما كان منه إلا أن حلف عليها أن لا يذوق الطعام حتى تخبره من أين أتت بثمنه  فكشفت عن رأسها فلمّا رآه حليقاً توجه إلى ربه قائلا [إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين]  فقد دعا ربه بعد سنين طويلة  لم يرفع يديه لله فيها لصرف عنه المرض الذي أصابه واستكثر على نفسه أن  يصبر على بلاء الله عز وجل  فجاءه الفرج من الله بأن يضرب رجله بالأرض فأخرج له من الأرض ينبوعا اغتسل به وشرب منه فأبدله الله المرض بالصحة والعافية 
وآتاه الله ضعف ما قد فقده وجعل له مخرجاً ليوفي بنذره الذي نذره بأن يضرب إمرأته لبيعها شعرها فمن هذا الموقف وتلك الصورة العظيمة لما مر به سيدنا أيوب من ظروف قاسية وقاهرة وعن مدى تحمله والذي جعل من صبره مثالاً يُقتَدى به عند الشدائد والمحن ..
هذا ما علمنا الله عز وجل ان الصبر يفتح ابوابا نولجها بنفسٍ مريحةٍ وعلينا دراسة العبر بحرفيةٍ ومعناً عميق لنستدرك مسيرتنا بما هو سعادة لنا وبناءاً لأجيالنا القادمة ومنه العون والتوفيق والسداد