ثائرة اكرم العكيدي 

تصاعد وتيرة الاحداث بين الحشد والقوات الامريكية بعد القصف الامريكي لقواعد حزب الله في العراق والكل يعلم  بأن فصائل الحشد لايمكنها السكوت إزاء استفزازات القوات الأمريكية وتصريحات المسؤولين الأمريكيين المسيئة للحشد، وهي عازمة على تلقين الأمريكان درساً لن ينسوه في المقاومة، خصوصاً وأن هذه الفصائل قد أثبتت بالدليل العملي الذي لايقبل النقاش بأنها قادرة . 
ورداً على تهديدات أمريكا بإمكانية استهداف الحشد أكدت فصائل المقاومة في الحشد استعدادها الكامل لمواجهة القوات الأمريكية وإخراجها من العراق باعتبارها قوات محتلة وتتدخل في شؤون البلاد وقد ساعدت داعش وغيره من الجماعات الإرهابية في تدمير البنى التحتية للعراق وقتل أبنائه واحتلال أراضيه.
ان الحشد يرى من وجهة نظرهِ ان امريكا هي العدو اللدود  والاساسي للمنطقة وتشير كافة القرائن والشواهد إلى أن الحشد الشعبي مصمم على إنهاء التدخل الأمريكي في شؤون العراق لاعتقاده بأن البلاد لايمكن أن يستقر وينعم بالأمان ما لم يتم إزاحة هذا الخطر والتهديد عن وجه العراق لاسيّما وإن السنوات الماضية قد أثبتت أن أمريكا لاتهمها سوى مصالحها حتى وإن أدى ذلك إلى دمار المنطقة برمتها.
اما من وجهة نظرة امريكا ان الحشد هو ايراني الحمل والولادة
وان هذا الهجوم من حيث توقيته، من المرجح أن تقف خلفه فصائل موالية لإيران حسب الاتهامات الأمريكية، هي رسالة تحذير مهمة لواشنطن من خطورة استمرار تدخلها في الشأن الداخلي العراقي، وإرسال مندسين لحرف الحراك الشعبي عن أهدافه وتوجيهه ضد إيران وحلفائها واتهمت الولايات المتحدة إيران وأتباعها بالوقوف وراء هذه الهجمات، متعهدة بأن ترد بحزم حال تضرر أي من الكوادر الأمريكيين أو حلفائهم العراقيين جراء هذه الاعتداءات.
بعض المحللين السياسيبن يرون ان التوتر الحاصل  في المنطقة والتصعيد المتبادل بين الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة طهران؛ يسعى كل من الطرفين إلى زج العراق في  صراع بسبب النفوذ الإيراني والهيمنة الكبيرة عليه اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، بالإضافة إلى التواجد العسكري الأمريكي الكبير وتدخل الميليشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي بهذا الصراع ذات والولاء المطلق لاغلبهم  لإيران لتطلق التهديدات والتصريحات الرنانة، ولتشكل خطرا كبيرا ومخاوف مستمرة من اشتعال شرارة المواجهة العسكرية بين أمريكا وإيران، واستخدام العراق ساحة حرب بين الطرفين . 
حيث يدخل العراق على خط الأزمة بين الطرفين، من خلال تهديد عدة فصائل عسكرية محسوبة على الحشد الشعبي مصالح الولايات المتحدة، إذ توعدت عدة فصائل مسلحة بالوقوف مع إيران والدفاع عن مصالحها في حال اندلعت حرب بين إيران والولايات المتحدة كما ذكر سابقا . 
ويرتبط تاثير  الحشد الشعبي الشيعي بحركة انفلات ثورية  دينية خارج اطار الدولة مرتبط بايران وعابر للحدود ووسيلة لإظهار الهوية الشيعية دون الوطنية، نتيجة للتعبئة الطائفية وفق مشاعر المظلومية والإسراف في التمايز الاجتماعي بمجموعة سلوكيات تنتقل بالمجتمع  محليا واقليميا من التعايش للاستقطاب.
ان التنظيم والتدريب والتمويل الذي تقوم به المراجع الايرانية والعتبات والمرجعيات النجفية تجعل منها كما كانت سابقا، مؤسسات بديلة عن مؤسسات الدولة المختلفة سواء اكانت تعليمية او ثقافية او اجتماعية او حتى دينية.
وقد كانت امريكا تامل في حدوث انشقاق شيعي شيعي بين النجف وقم، لكن النجف فشلت في ذلك حتى الان، وربما تكون تعددية مراكز القوى الشيعية يصب في  مصلحة الشيعة، بدل من المركزية المتحكمة، وان صح هذا فالانشقاق الشيعي الشيعي قد يكون امنية، رغم ان عنف المشروع الديني الشيعي الدموي الذي تقوده إيران ، قد يدفع شيعة العراق نحو الدولة الوطنية.
وارتباط المنظومة الشيعة الامنية والاقتصادية  والثقافية الشيعية بمليشيات عابرة للحدود مرتبطة بالحرس الثوري، يجعل تهديدا محليا واقليميا ودوليا، قد يجعلها يوما في مواجهة مع النظام الدولي.
ان مئات المقامات التي تقيمها او تزعم ايران وجودها عبر الحدود، اصبحت وسيلة تمدد ونفوذ تقف خلفها معسكرات ومليشيات واموال وتحشيد على مدار الساعة وبات لعدد من المعممين المحسوبين على الميليشيات محاضرات في الحسينيات، يدعون فيها الشباب للانخراط في الدفاع عن إيران في حال مهاجمة الولايات المتحدة لها.
ان الاراضي الجغرافية المفتوحة اليوم بين العراق وايران لا تستخدم للمواجهة العسكرية المباشرة كارض حرب او قتال فحسب ، وانما كمناطق تدريب ودعم لوجستي وتحشيد عسكري وفكري  
مشكلة البحث الرئيسة هي ان  الحشد الشعبي هو اخر واكبر وانضج واوسع واقرب حلقة  ثورية دينية مسلحة في مسلسل حلقات ثورية دينيبة ايرانية، صدرتها ولاية الفقيه خلال ٣٩ سنة، ابتدات بحزب الله وانتهت بالحشد الشعبي،وقد يكون في الطريق تجارب ثورية دينية ايرانية اخرى تنتظر التصدير.
ياتي هذا في وقت امست خمسة عشر محافظة من محافظات العراق الثمانية عشر  بعد داعش وبعد فشل استفتاء اقليم كوردستان، تحت سيطرة الحشد الشعبي الموالي لايران، في ظل تشتت سني وكردي غير مسبوق.
والكل يعلم جيداً أن الحشد الشعبي تشكل استجابة لفتوى المرجعية الدينية في النجف الأشرف للتصدي للجماعات الإرهابية لكنه وبعد انتهاء حرب داعش اخذ مسارا اخر وامست اغلب تشكيلاته وفصائله وقادتها تابعين لايران ولاءاً والتزاماً  وكان قبلها يضم  في صفوفه كافة شرائح المجتمع العراقي، ما يعني أن دعوة ولهذا دعت امريكا  خروج الحشد من العراق ووضع قادتها ضمن لائحة الارهاب.
لقد تباين أداء الحشد الشعبي العسكري والإنساني اثناء عمليات التحرير بتباين تشكيلاته وفصائله، ولا يصح التعميم في كلام علمي موزون بل يعد التعميم آفة، لذا فإن التصرفات الفردية والتصرفات الفصائلية تعود بالضرر على سمعة الحشد الشعبي في جوانب انتهاك حقوق الإنسان، وتحمل الحشد الشعبي وزرها بسبب عدم رفضه لهذه الجرائم من جهة ومن جهة ثانية عدم محاسبة مرتكبيها وهناك عدة  شهادات من  مواطنين عن أعمال عنف نسبت لأعضاء الحشد الشعبي. اثناء عمليات التحرير وانا شهدت بعض منها وقد تطرقنا وقتها على أهمية التزام طرفي الصراع بقوانين الحرب والحفاظ على سلامة المدنيين من سكان أو النازحين، وهذا مارأيناه بأم عيننا من انتهاكات وظلم بحق المدنيين من قبل بعض افراد الحشد الشعبي  وخاصة في الموصل .
اشتعال حرب بالإنابة بين إيران والولايات المتحدة على أرض العِراق بات قاب قوسين أو أدنى ومن المُؤكد، وبحُكم التجارب السابقة، أن الولايات المتحدة قد تخرج منها الخاسِر الأكبر، لأنّ هذه الحرب لن تقتصر على استهداف القوّات الأمريكيّة في العِراق، وإنما قد تمتد إلى تلك المتواجدة شرق الفرات في سورية، وربما القواعد والسفن الحربية الأمريكية في الخليج.. واللُه أعلم.