الكاتب والباحث السياسي 
أنمار نزار الدروبي

لن تجد ولاية الفقيه (الفارسية) حمقى تسخرهم لتنفيذ مخططاتها أكثر من متصدري الإسلام السياسي في العراق وسوريا ولبنان واليمن، مما لاشك فيه أن إيران من ألد أعداء العرب قوميّا ودينياً وتاريخيّا وكل من يتغابى عن هذه الحقيقة سيُلدغ بسم الأفعى الصفراء، وهذا تحديداً ما فعله نظام طهران في العراق، عن طريق تيار الإسلام السياسي بشقيه السُني والشيعي. بيد أن الأحزاب الإسلامية الشيعية والكتل السياسية الملتحفة بعباءة المهدي، تاريخها معروف للقاصي والداني.. فهو تاريخ ملغوم بالخيانة
والمؤامرات على العراق منذ ستينيات القرن الماضي. أما جماعات الإسلام السياسي السُني، وتحديداً الحزب الإسلامي العراقي ( الإخوان المسلمين _ جناح العراق) فقد استطاعت إيران، وعن طريق المدعو قاسم سليماني أن يضع رقاب أعضاء الحزب الإسلامي وبعض من شيوخ ورجال دين أهل السُنة في العراق تحت المقصلة، فأذعنوا له ولأوامر خامنئي. وتأسيساً لذلك فقد اكتملت خيوط المؤامرة الفارسية، وانتهى منذ سنين قليلة مضت تشكيل المافيا التي أعلنت خارطة طريق جديدة قديمة لقتل العراقيين وشفط دماءهم، ومحاولة ابتلاع باقي دولنا العربية.
ما أن أسدل الستار على آخر فصول مسرحية داعش وتعانقت المليشيات الإيرانية بين القائم العراقية والبوكمال السورية بثبوت اكتمال رؤية الهلال الفارسي. أما المسافة التي تقطعها الأرتال الإيرانية فلا تقاس بالكيلومترات، لقد تم درس الطريق بسحق جميع المدن العراقية ولم يبقى فيها حجراً ولا بشر ولا شجر. وفي سوريا المشهد أدهى من ذلك وأكثر تدميراً ومرارة! فهل سيُقذف كل آهل السُنة الى البحر والمقابر؟ إيران التي تحتل أربعة دول عربية وتعلن بلا تردد تقدمها نحو ابتلاع ما تبقى من دولنا العربية، ومن حقنا أن نتساءل، هل نحن أمام مواجهة عسكرية ضد إيران ؟ وماذا يجري بالضبط حيال لبنان الذي لا يمكن أن يتحمل شعبه كلفة مواجهة ضد حزب مدجج بآلاف الصواريخ وأحدث أنواع السلاح؟ ثم الأخطر من كل ذلك، هو مستقبل منطقتنا الذي بات مرتهناً لإرادة طغمة حاكمة لديها مشروع تدمير عالمي كبير تحشد له إمكانات ضخمة بأجندات عسكرية وعصابات مليشياوية هائلة تسير في ركابها عقائدياً ولا تبالي بأي قوانين دولية ولا يردعها أي وازع إنساني عن ارتكاب أبشع جرائم الإرهاب والتدمير الشامل، هذا ليس وصفاً مبالغاً فالواقع يثبت ما هو أبشع بكثير في مسلسل جرائم هذا النظام منذ تسلمه السلطة في طهران حتى اليوم، وكأن تاريخ البشاعة البشرية قد أفرز ثلة من طواغيت الجريمة والإرهاب في جميع تجلياته وفنون وسائله وألوانه. الخطر الداهم قادم، وخيارات مواجهة هذا الخطر الكبير لا تحتمل الصبر وألاعيب المراوغة السياسية.
لقد أثبت الواقع إن هذا العدو الحاقد اللئيم يتربص الافتراس كلما سنحت له الفرصة وينقض كالثعبان على فريسته ليقضمها،هكذا فعل بالعراق وسوريا واستطاع أن يأسر لبنان بشرعنة حزب نصر الله، وعربدة مليشياته في المنطقة كلها، فتزرع بذور الشقاق وعمليات الاغتيال ونشر سموم المخدرات وجرائم الإرهاب والتهجير الطائفي وغيرها. بدون أدنى شك إيران لا تمتلك أي قدرة على المواجهة الحقيقية ولم يسجل جيشها أي انتصار ولا يزال هذا الجيش مهزوماً في معنوياته منذ أن سحقه الجيش العراقي الباسل، وإن أمريكا هي التي مهدّت لإيران كل ما حققته من توغل في جسد الأمة لأسباب معروفة للقاصي والداني ضمن سلسلة من الاتفاقيات السرية، أو تبادل الأدوار في إستراتيجية السيطرة والهيمنة على الشرق الأوسط. الحقيقة التي يجب أن يعيها العرب هي التقدم الإيراني على جميع جبهات الحرب.
على العرب أن تفهم حقيقة لا لبس فيها أبداً تتمثل بالخلايا النائمة الطائفية والتي تتربص في المناطق الشرقية لبلاد الحرمين والكويت والبحرين وبأن لا ينخدعون في ولاء التقيّة كما جرى في العراق وسوريا.
لن اختم هذه المقالة قبل التحذير من التراخي والانخداع برأي الاستشارات الأجنبية التي تحرص على مصالحها وتسعى إلى منع الحرب بكل الوسائل حتى لو تكلف انهيار جميع الدول العربية مقابل ضمانات إيرانية بالحفاظ على مكتسباتهم الاقتصادية، أو حتى تقاسم الغنائم بينهم. إن الخراب والدمار الذي سيحدث من خلال تدفق المليشيات المتأهبة للقتل والحرق والسلب والنهب، لن تسلم منه حتى قبور الصحابة الكرام وحتى قبر الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم ) من النبش والنهب لا قدر الله.