د. سحر أحمد علي الحارة

تَفقَّدَت كعادتها كلَّ صباح أجنّتها
حتى وصلت إلى الجنين التّاسع،
فوجدت بعض حراشفَ ممزّقةٍ،
وشعيراتٍ متناثرة من حولها..
وقفت تصلي باكيةً ..
ترجو رجوعه "الجنين التاسع"
إلى حضنها مع أخوته الثّماني التي انْصرمَت..
تمرُّ الأيام بساعاتها الطويلة آملةً الرجوع،
لكنَّ السّنبلةَ لم تقف مكتوفة الأيدي
فهي برغم عنايتها واهتمامها بأجنّتها
إلاّ أنها كانت تواظب على عملها
بالبحث عن جنينها المفقود "المخطوف"..
يمرُّ عليها الزمن، تَعدُّه بالثّواني،
ولكن بلا جدوى !!
**
اللّيلة عَتمة اللّيلة ..
وتصخب الطّبيعة برعدها وبرقها ..
تراءت لها من بعيدٍ بعيد نثيراتٌ مضيئةٌ،
ثم كلّما اقتربت منها وجدتها
شكلاً لؤلؤيّاً ملائكيّاً يبهج النظر،
متخفياً برداءٍ أحمرَ أبيض
مع لحيةٍ بيضاءَ ناصعة،
تجرُّه عربةٌ يقودها غزالٌ ضبابي اللون ..
تدانى وحنى إليها،
أوْدعَ بحضنها رشيماً صغيراً،
أَإِنّه الجنين التاسع المفقود المخطوف؟!
احتضنته بلهفة
وبكل مافيها من حبٍّ وحنان !!
وفي كل نظرةٍ تلقيها عليه تشدّه
وتضمّه إلى صدرها بقوة،
غير مصدّقةٍ هذا الحلم الذي صار
بلحظةٍ خاطفة حلماً واقعاً.. وحقيقة حيّة..
فرح الجنين المسلوب، أتى ..
ولكن هذه المرة حَرصت السّنبلة الأمّ
على أن تبتعد بأجنّتها
إلى مكانٍ هادئ تجد فيه أبديّة الأمان ..
هاهي حَزينةُ القلب، فَرِحَةُ القلب،
ولكنّها ثابتة هانئة تسعد بميلاد جديد،
يعود بدفء الحضين للجنين،
مبشِّراً برجوع جميع المخطوفين والمفقودين،
بيدي هذا الأمل الرَّمز المُضيئ الآتي
عبرَ طريق السَّلام .."بابا نويل".
ميلاد مجيد وأمل جديد سعيد..
سوريتنا وشآمنا الحبيبة.
وكل أرجاء العالم.