عبد الجبار الجبوري

بعد أن وضع إستقالته في حضن البرلمان ،قال لهم الرئيس برهم صالح، تركت لكم الجمل بما حمل وها أنا عائد الى مدينتي السليمانية ،وعليكم أن تخرجوا (جحشكم من الوحل)، ولكن ماهي السيناريوهات، التي تعصف بالعراق بعد إستقالة الرئيس (برهم)، وقبل ألإجابة على هكذا سؤال ،علينا أن نجيب على سؤال
جوهري، لماذا إستقال الرجل من أهم منصب في الدولة، جميع التصريحات العلنّية والسريّة ، والمعلومات من داخل الغرف المظلمة ،تؤكد أن الرئيس تعرض الى (تهديدات مباشرة)، من زعماء ميليشيات عراقية، والى( ضغوطات) من جهات إيرانية ،وربما هناك محاولات إغتيال لم تعلن ،ولكنها سربت عن إشتباك ميليشيات، مع حرس وحماية الرئيس، في محاولة لإجباره على قبول (مرشح إيران) لرئاسة الوزراء، سواء كان قصي السهيل أو أسعد العيداني أو غيرهما، المهم رئيس وزراء ينفّذ ماتريده إيران منه حرفياً كما (إعترف عادل عبد المهدي) ذات مرة لإياد علاوي، إذن الرئيس أُجبر على الإستقالة ،وليس تطوعاً ،لتهدئة الاوضاع وانهاء التظاهرات الشعبية، كأحدى شروط المتظاهرين،أو إرضاءاً لها ،والدليل أن كتلة ( البناء التي يتزعمها هادي العامري، قدمت شكوى للمحكمة الاتحادية تتهم الرئيس برهم صالح بال(خيانة ) وخرق الدستور، بل ذهب أحد أعضاء منظمة بدر عدي العوادي الى الطلب( من العراقيين أن يبصقوا بوجه الرئيس)، بهذه الوقاحة والصفاقة يتحدثون مع رئيس هم إنتخبوه ،فقط لأنه رفض مرشحهم،أما السيناريوهات المحتملة ،بعدإستقالة الرئيس ،فيمكن التكهن بها وأولها، الحرب بين الفصائل الشيعية والميليشيات ،على منصب رئاسة الوزراء، وصفتها أمريكا وتعمل عليها( حرب شيعية –شيعية)،لإنهاك الفصائل والميليشيات التابعة لإيران أولاً، وثانيا لإيجاد فرصة للتدخل الامنريكي، لحسم الصراع لصالحها، وهذا السيناريو الاقوى التي أعلنت عنه الادارة الامريكية وبريطانيا،إذن العراق ألآن الى المجهول، بعد الفراغ الدستوري، بغياب الرئيس ورئيس الوزراء، وربما نشهد اليوم وغداً، إستقالة رئيس البرلمان،فكان على الرئيس برهم ،أن لايستقيل ويهرب بجلده الى السليمانية،ويترك العراق للمجهول ،إذا كانت تهّمه مصلحة العراق، كان عليه ،حلّ البرلمان والذهاب الى إنتخابات مبكرة ،وضرب عصفورين بحجر واحد ، حيث كان سينهي التظاهرات التي طالبت بهذا الطلب،هي والمرجعية في النجف ،وإسكات الأحزاب التابعة لايران قراراً وولاءاً ،أما أن يبقي البرلمان بيد أحزاب السلطة،وتديره شخصية ضعيفة لاحول لها ولا قوة، أمام نفوذ وسيطرة هذه الاحزاب على البرلمان، فهي الشرارة التي ستُشعل الشارع العراقي، وتصبُّ البنزين على نار التظاهرات، وتشتعل الحرب الاهلية( لاسامح الله) ،لأن المتظاهرين قررّوا أن لاعودة الى بيوتهم، بدون تحقيق المطالب العشرين ،مهما كلّف الأمر، في المقابل الأحزاب وايران ترفض، رفضاً قاطعاً هذه الشروط ،حتى لو إحترق العراق كله، وقتل نصف الشعب العراقي ،(وهل نسينا شعار المالكي (ماننطّيها)،إذن المطلوب الآن في هذه اللحظة التأريخية الحرجة، التي فيها العراق على شفا هاوية أبدية ،أن تتدخل الدول الكبرى بمجلس الامن الدولي، وتتدخل امريكا نفسها مؤسسة الخراب في العراق سياسياً وعسكرياً ،لتصحيح المسار والخطأ التاريخي، الذي وقعت فيه كما إعترف المجرم بوش الابن، وبعده الرئيس أوباما وترمب ،لحفظ ماء وجهها أمام العالم، وبديمقراطيتها المزيفة، لأنقاذ ما تبقى من العراقيين، من موت محقق على يدِّ ايران وأذرعها، لأن إيران وأذرعها وأحزابها الطائفية، أدركوا تماماً أن مشروعهم إنتهى في العراق والمنطقة، أنهته التظاهرات، وحرق صورة رموزهم الدينية المقدسة لديهم لأول مرة في التاريخ، وهذه رمزية تاريخية على هزيمة المشروع ،على يدِّ من كانوا يعوّلون عليهم، ويحسبونهم (تبعاً لهم)، وهم شيعة العراق العرب الأصلاء،إنّ إنتهاء النفوذ الايراني في العراق تحديداً، وإنحساره في لبنان واليمن، هو بداية لنهاية نفوذها وهيمنتها ،في عموم المنطقة والعالم، أما السيناريو ألآخر، فالذهاب الى حلّ البرلمان لنفسه، وإلغاء الدستورأو تعديّله ،وإلغاء المفوضية اللامستقلة للانتخابات، وتعديّل قانون الانتخابات ،بما يضمن حقوق الاقليات كلها، وإلغاء العملية السياسية وقرارات بريمر السيء الصيت،التي بُنيت على باطل، بقوة الإحتلال الامريكي، وبعده الاحتلال الإيراني وهيمنته ونفوذه، هذه السيناريوهات الثلاثة، هي من ينقذ العراق من محنته الاخيرة، ويُخرج العراق من نفق الحرب المدمرة الاهلية، التي تعمل عليها جهات دولية وإقليمية ، من أجل مشاريعها الاستراتيجية في المنطقة والعراق، ومانراه في العراق هو صراع بين الدول الكبرى المتنفذة في المنطقة ،وهي أمريكا وإيران وإسرائيل، لتصفيّة حساباتها وضمان مصالحها الإستراتيجية،فمَنْ سينتصر في النهاية، سينتصر في النهاية ،من يحفظ ويحقن دماء العراقيين أولاً، ويحفظ مستقبلهم وثرواتهم وحياة أجيالهم ثانياً، وهل يحقق هذا الهدف( محتل غاز غادر) ،الجواب لا، وعلى العراقيين التمييز بين الغادر والجبان ، الذي يريد أن يبتلع العراق، ويجعله( ولاية ) تابعة له، وبين من يريد إنقاذه، من هذا العدو التأريخي الحاقد قومياً وعنصرياً وطائفياً، مستخدماً أذرعه المسلحة، لتنفيذ أجندته السياسية القذرة تحت الغطاء الديني، لا الغطاء القومي العنصري، الذي يخفيه تحت عمامة رجال الدين الموالين له، إذن مانراه الآن هو حرب تصفيات دولية واقليمية على أرض العراق ، تشترك بها الدول، التي لها مصلحة في فوضى العراق ،وإحداث حرب أهلية طائفية فيه، أعتقد السيناريو الذي يريد العراقيون على مرارته، هو التدخل الامريكي والبريطاني، لأنه لايستند على ( الطائفية والحقد الطائفي التاريخي)، بالرغم من أنه إستعمار ،وكل إستعمار الى زوال، لأن بعض الشرّ أهوّن كما يقال، التظاهرات مستمرة وبتصاعد سلمي منقطع النظير، وقد تجاوزت أخطاءها، وأثبتت سلميتها رغم إصرارإحزاب وميليشيات السلطة ، العمل على قتل أو إعتفال ناشطيها، وتشويهّها لتسقيطها في الشارع ، ولكن أثبت شبابها صبراً إسترلتيجياً عالياً، أذهل العالم كله، وإستطاعت إن تتحّكم بإعصابها، وتدير أزماتها مع الحكومة والبرلمان والاعلام، بوعي عالٍ جداً، وحكمة مرنة منفتحة على الآخر ، وعليها المضي بهذا ،حتى تتحقّق شروطها، وإنقاذ وتخليّص العراق، من الطغمة الفاسدة الحاقدة على الشعب العراقي، والحاملة أجندة خارجية ،مدمرّة للعراق ومستقبل العراقيين، التظاهرات ماضية وبقوة وصبر وتضحيات هائلة ، والآخر يترّنّح تحت هتافات جماهير الثورة الموجعة في شوارع العراق، ويعلوا هتافهم ليشق عنان السماء(،أننا نريد وطناً لااكثر )، فيما الأحزاب الحاكمة المتنفذة (ملتهية ) ومنشغلة ،بالبحث عن المكاسب والمناصب بحربها مع بعضها، وتغوص بمستنقع الفساد لأذنيها وسيغرقها بإذن الله ،المشهد العراقي لاتحسد عليه شلة الأحزاب الفاسدة الحاكمة، لأنها تركض خلف مصالحها الشخصية والحزبية الضيقة ،ومصالح أسيادها ومشروعهم التدميري في العراق،عليه فأن دعم الثورة، والمطالبة بحل البرلمان، هو من ينقذ العراق،و بإشراف أمريكي ودولي وأممي ، ولاسبيل غير ذلك سوى الحرب الاهلية المدمرة، والخاسر فيها الشعب، فيما ستتفرّج بقيّة الدول صاحبة المخالب السميّة في العراق،هذا هو مشهدُ ومأزق الأحزاب المتنفّذة الحاكمة في العراق، وعليها أن تختارلا تحتار،إما تدخل خارجي لايريد العراقيون،وإما الرجوع الى منطق الحكمة والعقل، وحقن الدم العراقي،والذهاب الى مايريده الشعب المتظاهر سلمياً، وهو مصدرالسلطات وشرعيتها، ولاشرعيه لغيره ،لان السلطة فقدت شرعيتها ألآن،وثورة العراقيين ،سحبت منكم الشرعية ،وبقيتم بلا شرعية الان ،خاصة بعد استقالة الرئيس ورئيس الوزراء، وعليكم الخضوع لشرعية الشعب وثورته البيضاء السلمية...