ثائرة اكرم العكيدي 

كان الجميع متاكدا وواثق من الجماهير ومسؤولين في الحكومة ومحليين بخيبة حكومة علاوي وعدم استمراريتها ولو لوهلة بسيطة لم تنشأ منذ البداية اي بارقة امل بنجاح محمد توفيق علاوي بتمريد حكومته والا لو كانت هناك رغبة حقيقية من قبل الكتل السياسية باعطاء الحرية لعلاوي بتشكيل حكومته لكانت قد شكلت منذ اول يوم من تكليفه في الاول من شباط الجاري . 
علاوي الذي لم يحظى برضا المكون السني والشارع الشيعي، كما أنه لم يتفق مع القوى الكردستانية بشأن مرشحي الوزارات
ولفت إلى أن التجربة الماضية أثبتت لنا فشل القوى السياسية المسيطرة على إدارة الدولة وإيجاد نوع من التوازن مع القوائم السياسية من المكونات الأخرى وهو أمر لا نريد تكراره مع هؤلاء 
أن المشكلة التي تواجه تشكيل الحكومة هي أن المرشح لرئاستها تم اختياره من قبل القوى السياسية المرفوضة من الشعب العراقي حيث أن تلك القوى برغم حصولها على المنصب التنفيذي الأول في الدولة تكيل بمكيالين وتدعو الكتل الأخرى إلى عدم تقديم مرشحين للوزارات وهو أمر غير منطقي ولا يمكن القبول به نهائياً من قبل الكرد والسنة وحتى اغلبية الشيعة .
الكتلة الوحيدة التي منحت علاوي الثقة ودعمته بشدة هي كتلة الفتح ولا يعقل ان يشكل علاوي حكومته من الفتح فقط بعيدا عن الكتل الشيعية الاخرى وخاصة القوية مثل التيار الصدري.
اما السنة حملة شعار التهميش فلا يمكن ان يصوتوا لحكومة لا تمثلهم فهم اكثر طرف ملتزمون ويريدون التوافق، وكذلك الكرد الذين لا يمكن ان يتنازلوا عن الامتيازات التي حصلوا عليها بعد عام ٢٠٠٣ لاجل عيون المتظاهرين . 
لو قام علاوي بارضاء المتظاهرين واختيار مستقلين بعيدا عن الكتل السياسية فان حكومته لن تمر في البرلمان العراقي ولن تصوت عليها اي كتلة صغيرة كانت او كبيرة وحتى لو انصاع علاوي لرغبة الكتل وقام باختيار شخصيات تمثلها فان حدة الاحتجاجات ستزيد وربما ستصل الى مستوى لا يمكن السيطرة عليها وفي هذه الحالة فان حكومة محمد توفيق علاوي مرت كطيف ومن المتوقع ان يرفع علاوي الراية البيضاء ويعلن اعتذاره عن تشكيل الحكومة ما اذا اراد ان يحافظ على مستقبله السياسي وربما كان من تعاسة المرء أن يلقي بيده إلى الهلاك وهو يعلم حق العلم أنه ليس وحده في حله على الإختيار الواعي المسؤول الذي يتحمل نتائجه وهو متأكد تماما أن مقود دفة السفينة ليست بيده .
ومن جهه اخرى خسارة الصدر لقوته السياسية بسبب ضعف البرلمان وإسقاط الحكومة وحالة التفكك في المشهد السياسي بسبب التظاهرات التي هزت كثيرا من التحالفات السابقة نقول للسيد مقتدى لقد ذهبت سدا تغريداتكم بعد كل ذلك العرس والتطبيل والتزمير لاختيار وزير تابع لكم رغم رفض الجماهير له بالتالي لايصح الا الصحيح . 
لم يكتفِ السيد مقتدى الصدر بالمضي قدماً في إثارة الفتنة في الوسط الشيعي والخروج على المرجعيات الدينية والسياسية، وإنما حث اتباعه على قمع وقتل المتظاهرين الذي لم ينصاعوا لاوامره وهو لا يعي خطورة الموقف ولا توقيته الحرج والخاطئ ولو امتلك السيد مقتدى الصدر قدراً من الحلم والخبرة السياسية والفقه الديني لكان موقفه سلمياً ومرناً مع المتظاهرين سليماً ومدروساً ويخضع لحسابات متعددة تصب في صالح الوطن والشعب وأن اللجوء للعنف والتهديد والقتل في الوقت الراهن يقلل من فرص حصد النتائج والحفاظ على أرواح الأبرياء . 
مقتدى الصدر ركبه الغرور وهو يرى تلك الجموع من المتظاهرين الفقراء وهي وتهتف باسمه ظنا منها هو على مسار ابيه في العدل والحكمة ولا يعلم ان النار احيانا تخلف رمادا. انا اعتقد ان مقتدى الصدر مريض نفسيا بسبب النقص الذي يعانيه حتى بات يعتقد أنه يمتلك الحقيقية ويقف إلى جانب الحق والآخرين مجرد شياطين يساندوا الشر . 
اسباب كثيرة جعلت من السيد مقتدى الصدر ضحية الوقوع في الوهم بأنه قائد المرحلة خاصة بعد أوغلوا الأنذال في نفسه للعمل على طرد المرجعيات الدينية من العراق مرة باعتبارها غير عربية ومرة أخرى غير ناطقة، والحقيقية هي دعوة للانفراد بالساحة السياسية الدينية من خلال فرض الأمر الواقع بالقوة وحتى لو تطلب السلاح وان كانت لدى مقتدى الصدر رغبة في خوض المعارك السياسية في سبيل المصالح الشخصية فليباشر بخوض تلك التجربة لكن عليه أولاً التخلي عن العمامة وزي رجل الدين والإشكالية ليست بالزي الديني، بل لكونه يمثل اسالفه واجداده من بيت الصدر ولا يجوز إقحام لقبهم في أماكن العهر السياسي واعتقد أن رجل الدين قادر على تقديم خدمة كبيرة للمجتمع في مجال النصح والعلوم الاجتماعية يعجز عن تقديمها السياسي في عشرات السنيين . 
الكل يعلم ان مقتدى لا يجيد ألف باء السياسة والأفضل له وللجميع التفرغ لاستكمال علومه الدينية بعيداً عن الشؤون السياسية. وينسحب هذا الأمر على كافة رجال الدين (أصحاب العمائم) لأن لباسهم الديني يمثل سلطة دينية وليست سلطة سياسية فالعمل السياسي في العراق مستنقع قذر والعهر السياسي والتآمر ولا يليق بمن وضع العمامة على رأسه ممثلاً للدين أن يخوض في تلك المياه الآسنة في عالم السياسة فهل توصل السيد مقتدى الصدر إلى قناعة بارتكابه الآثم والتسبب في إراقة دماء الأبرياء من المسلمين.. لذا نقول له يا ابن ذلك الرجل العظيم اعتزل العمل السياسي وانضوي من جديد تحت لواء المرجعية الدينية مسترشداً بآرائهم ونصائحهم والا سينقلب السحر على الساحر .
العراق المقبل يجب أن يكون لكل العراقيين، بغض النظر عن القومية والدين والمذهب والمنطقة والتوجه السياسي. ليس في مصلحة أحد حتى الطبقة السياسية الحالية أن تعرقل الإصلاحات المطلوبة. لقد أدرك الشعب العراقي، خصوصا جيل الشباب الذي برهن للقاصي والداني أنه واع ووطني وغير مرتبط بأي جهة خارجية، حقائق الأمور، ولن تنطلي عليه أي لعبة مستقبلا، وقد آن الأوان أن يدرك السياسيون الحاليون هذه الحقيقة. أي محاولة للتسويف والالتفاف على مطالب الناس المشروعة سوف تقود إلى عنف، والعنف لن يسلم منه أحد. إن كانت الجماعات السياسية الحالية وميليشياتها المسلحة المدعومة من إيران، تتصور بأن لها اليد العليا حاليا، فعليها أن تعلم بأن حمل السلاح ليس حكرا عليها، وأن الشعب الغاضب قد يلجأ إلى حمل السلاح لمحاربتها وإن فعل فسوف ينتصر عليها دون أدنى شك..