ثائرة اكرم محمد

سئمت من الجلوس في البيت لقد استفذت كل هواياتي في الرسم والكتابة وحتى في الطبخ هكذا حادث نفسها (إيثار)
لقد بلغ السئم عندها لدرجة الملل والكسل فمنذ الحظر وهي جالسة مع بناتها ال( ٣ ) في البيت تارة تلعب معهم وتارة توبخهم فلقد اخذ الملل حيزا كبيرا من نفسيتها فهي غير متعودة على البقاء لفترة طويلة في المنزل حتى عند مرضها كانت لاتنقطع عن الدوام وان صادف انقطعت بسبب ظروف طارئة فلا يتعدى يوم او يومين ..
حل المساء اليوم وشقتها هادئة البنات في غرفتهم منهم من يلعب ومنهم من يتصفح على المواقع ..لبست معطفها وعلى اطراف اصابعها خرجت من الشقه ونزلت الى الشارع المقابل للعمارة التي تسكنها الهدوء يسود المكان والصمت يخيم على المنطقة لاوجود لاشخاص او سيارات مشت في تلك الشوارع الفارغه كانها في غير كوكب تفقدت المكان وكانت تنظر للمنازل وترى ظلال اهلها على نوافذهم .هدوء تتبعه وحشة اقدام متسارعة خائفه تهرول لبيوتها صمت يلفهم يتأملون فيه ضعفهم وظلمهم وعدوانيتهم فيما بينهم ..
وقفت قليلا تتأمل منظرا لم يسبق لها مشاهدته واذا من ورائها ريح الخوف تداعبها التفتت وكأنه شبح الموت لا وجه له سوى همسات مفزعه وعيون ظلام دامس ذو عبائة شحيحة حمراء قاتمة لايبان له وجه ولا ارجل او أذرع اوهيئة معروفة لايلامس الارض صدمت مما رأت وهمت بالفرار حتى ناداناها لاتهربي أيتها الجسورة ..توقفت لبرهه واسترخيت  كأنه يعرفنها
سألنها قائلا: مالذي اخرجكِ في هذا الليل البارد ..اخذت نفساً عميقاً واجابت: مؤنة البيت تكاد تفذ ولي بنات عليّ اطعامهن ورعايتهن ..
ضحك منها ساخراً وقال :
ظننت أنكم شبعتم من لحم بعضكم.
 قالت صفعني بقوة وأقترب يحدثني:
كم من قتيل يمشي على قدميه وقاتل يضحك بملأ شدقيه.
 قالت له نحن نقتل بعضنا لتكمل انت  ما بدأنا ؟. طأطأة رأسي ونظرت بين قدمي وانا  أقول له :
 لكن الثمن باهض بموت أحبائنا حتى لو كانوا من دين وعقيدة ومذهب آخر .
قال: لولاي لما تحدثت بإنسانية مفرطة، ألجمت الشر فيكم بقوة مطرقة الموت .
قالت: الثمن باهض أيها القاتل.
ضحك مرة أخرى بسخرية وهو يقذفني بنار جرمنا مئات وآلاف يقتلون يوميا بحروب طائفية وعرقية ودينية برصاصة أو كلمة، فلا تقول لي أن الثمن باهض.
فتح عيناها وهي نائمة في ضحالة العالم الشره لأبتلاع أخيه الإنسان . 
قالت  له مترجيةً  أتركنا فالدرس قاسي.
قال: حين تتكاتفوا مع بعضكم بوعي عقول لا ترسم الهوية بفرشاة العنصرية ستجدون العلاج على طاولة العلم.
بعدها تلاشى مع نسمات الهواء الباردة في فم الليل تابعت  المشي والعودة لشقتها مجلودة بسياط أيقظتها من نومها في حضن المدينة الخائفة التي ستقضي على خوفها بقوة وعيها وتنظيمها لمواجهة شبح كورونا الذي سيعدم على طاولة العلم.