ولاء العاني

خرجت الشمس من مخدعها شيئا فشيئا وراحت تداعب حبات الرمال في الصحراء الذهبية . سرحت في الخيال بعيدا . فهذه زيارتي الاولى لوطني الذي فارقته منذ أعوام . وفجأة لاح في الافق من الطرف الاخر للطريق رتلا عسكريا لقوات الاحتلال . يا إلهي كم هو مؤلم هذا المنظر . تمشي خلفه عربات مختلفة بين سيارات خاصة واجرة او مسافرين مغادرين . كلها تسير ببطيء خشية على حياتهم فالجندي الامريكي اعطيت له الاوامر على ان يطلق النار متى شاء واينما يشاء .

مرت السيارة من امام معمل الزجاج في الرمادي ... هل لازال يعمل ؟ وماذا حصل للعاملين فيه ؟ ... هذا ليس المصنع الوحيد فقد كنا دولة كادت ان تصل الى مرحلة الاكتفاء الذاتي . ماذا عن سد حديثة الذي بني في عهد نظام البعث والخط الاستراتيجي الذي منح العراق حرية تصدير النفط من ميناء جيهان التركي .
السكون يعم المكان إلا من افكار تتصارع في ذاكرتي . هل سنمر من امام معمل الالبان في ابو غريب الذي كان يسد حاجة السوق من منتجاته وبالقرب منه كلية الزراعة وامامها كلية الطب البيطري .


ومعمل نسيج الموصل والمحمودية وبابل . ياترى اين اختفت منتجات تعليب كربلاء ومعمل الصناعات الورقية والالبسة الجاهزة والسكر والصناعات البتروكيماوية ومصافي النفط ومعمل البطاريات وصناعة السيارات والجرارات الزراعية ...

ومخازن الشركة العامة للسيارات ومعامل تعليب التمور . شعرت بمرارة في قلبي فقد غاب كل هذا خلف ضباب الخيانة من ابناء الوطن الذين غدروا به وبترابه واستجلبوا المحتل البغيض ولم يكتفوا بذلك بل صاروا يتفاخرون بتبعيتهم لدولة الشيطان الفارسي المجوسي الاكبر .

مررنا باطراف مدينة الابطال مدينة المساجد فلوجة العز التي تبدو كأن زلزالا قد اصابها فقد هدمت الجوامع والبيوت فوق رؤوس اهلها وساكنيها . بماذا تشدق وماذا قال هؤلاء كي يجيشوا اساطيل العالم لتدنس ارض أجدادي .

بدت لي عروس المدائن كسيرة حزينة على ما اصابها تشكو سوء حالها وتبكي غدر اهلها بعد ان كانت تنعم بعز رغم الم الحصار الا ان الوطن كان تحكمه اسود واليوم الظلم يسوود ...

وحل في دار هارون الرشيد الذل والقهر والخراب
 لله دركم يارجال البعث فانتم فعلا مفخرة للعراق وتأريخكم اوضح من قرص الشمس في كبد السماء ...