عماد الدين التونسي

عَلى ضِفاف بُحيرة..مِلح الْأمانِي
منْسيٌّ..يغتسِل بِالْماءِ الْعكِر
يُنظِّف أسْنانه..بمعجُون
لَا تُميِّزه عنْ معجُون..حلِاقة شَعر الْإِبط
 مكتُوب عليْه..بنُكهة النِّعناع الْمُنعِش
منْسيٌّ..ينظُر لِشاماتِه الْأبِيّةِ
محرُوقًا..بِتهلْهُل الشَّبابِيك الْعريقَة
وَ سوادِ الجْدْران..حِين منَعانِ الْجوَلانِ
منْسيٌّ..ينْتعِل حِذاءهُ الْمُتقطَّعة أحْشاؤُه
بِمسامِيره الْبارِزةِ..بِرباطِه الْمُهْترئِ
وَ مَع كُلِّ خُطوةٍ..ينْحنِي..لِشدِّها لِلمِّها
منْسيٌّ.. يُلاحِق الرَّغِيف الْمُحنًّط
يزْحفٌ.. حتًّى ذَاب لحْم كتِفيْه
حتَّى..برَز عظْم ضُلوعه
لِيتنشًّف برْدا..تكدَّس  فوْق حاجِبيْهِ
لِيصْطكَّ قلْبه الشَّائِق كُلّ لحْظةٍ ..مرَّتيْن  
منْسِيٌّ..كانَ يشْتهِي كلِمة واحِدةً
كمْ تمَنَّى أنْ يُتمْتمُ بِها..لكِنْ لمْ ينْطِقها
إٍلاهِي..يَا منْ تسْكُنُ جُبًّته الرًّثّة
مِنْ زمنِ الْأنْفاسِ الْمُعطَّرة
يًاأيُّها الْقابِعُ.. بيْن ثنَايا رُوحِه  الْمُشْتهاةِ
منْسِيٌّ..أُمْنِيتُه مُراقصة أحْداقِ الْعصافِير
فِي ساعَات الْفجْرِ..وَ يضْحكَ وتَرا
غيْر آبِهٍ..بِأراجِيف الْمارِقِين
منْسيٌّ..كذَا كَان رجاؤُه..قبْل أنْ يغْطش بصَره
وَ فِي رِوايَةٍ أخِيرةٍ..فانٍ بيْن عتْمةِ الْأزِقَّة الْمُبلًلّة
يُلمْلِم أوْجاعهّ بِمجادِيف شِفاهٍ..مُلطّخَةّ بِذرَّاتٍ قانِيةٍ
عَلَى أدِيمِ هذِه الْمجرَّةِ..صهِيلُ أرْواحٍ منْسِيَّةٍ
كالْكرَمِ البريّ الْمُعرَّشِ..كتَجاعِيد السِّنِين الْخالِدةِ
يُردِّدُون أُغْنِيةً كلْثُومِيَّةً عُنْوانُها.."لِسَّهْ فاكِرْ