عمر سعد سلمان                                    
ان الولايات المتحدة واحدة من أكبر البلدان المصدرة للغذاء، بحيث شبهها البعض بسلة غذاء العالم. والانطباع العام هو ان جزءاً كبيراً من هذا الغذاء يذهب الى البلدان الجائعة في برنامج معونة متميز بأريحيته وكرمه. لكن هناك 3 فجوات واسعة في هذه الصورة التي تسود محلياً: 
- ان ما يصدر من الغذاء على أساس المعونة فعلاً (أي بتمويل طويل الاجل، منخفض الفائدة) هو مجرد نسبة ضئيلة من الصادرات التجارية الامريكية. 
- اقل من 30% من الصادرات الزراعية يذهب اساساً للبلدان الأقل تطوراً. 
- على الرغم من ان الولايات المتحدة هي أكبر مصدري الغذاء في العالم، فأنها كذلك واحدة من أكبر مستوردي الغذاء في العالم.
وبينما نعتقد ان أمريكا هي المركز العالمي لإنتاج لحم البقر، فان الولايات المتحدة هي في الواقع أكبر مستورد في العالم لـ (لحم البقر). 
ان الوفرة الزراعية ساعدت على فتح الأبواب بين الولايات المتحدة والصين، وساعدت على تحسين العلاقات مع السوفيت. وساعدت على إقامة جسور الى العالم النامي. ولسوء الحظ، فان النوايا الطيبة لمعظم الأمريكيين يجري خداعها حتى لا يروا ان استراتيجية تصدير الغذاء في سبعينات القرن الماضي لم تكن تطوراً ضرورياً. بل كانت تعزيزاً لمصالح معينة على حساب الأغلبية. اننا نعيش عصر تغلغل الشركات الزراعية في العالم بأسره وربط مزارع البلدان المتخلفة بأسواق الغذاء العالمية: مزرعة عالمية تقوم بتزويد سوبر ماركت عالمي. 
وهكذا فان جياع العالم يلقى بهم في حلبة تنافس مباشر مع حسني التغذية والمتخمين. اما حقيقة ان غذاء ما يزرع بوفره حيث يعيشون وان موارد بلدهم الطبيعية والمالية قد استهلكت في انتاجه او حتى انهم هم أنفسهم قد كدحوا ليزرعوه، فلن تعني انهم هم الذين سيأكلونه. فسوف يذهب بالأحرى الى سوبر ماركت عالمي ناشئ يتعين فيه على كل فرد في العالم، غنياً ام فقيراً ان يأخذه من نفس الرف. ولكل صنف ثمن، وذلك الثمن يتحدد، بدرجة كبيرة، بما يرحب بدفعه زبائن العالم الميسورين. ولن يستطيع أي شخص بلا نقود ان يقف في طابور الدفع. بل ان بإمكان كلابنا وقططنا المدللة ان تقدم ثمناً يفوق ما يمكن ان يقدمه معظم جياع العالم. هذا هو السوبر ماركت سيكون تتويج (الاعتماد المتبادل) الغذائي في عالم من البشر غير المتكافئين. 
يشير الكثير مما عرفناه الى حقيقة واحدة: ان الناس لا بد ان يسيطروا على مواردهم الزراعية اذا كان لهم ان يحرروا انفسهم من الجوع. الا ان تلك البرامج التي كانت تركز على إعادة توزيع الأراضي مثل البرازيل وكولومبيا والفلبين، قد استثنت أراضي الشركات الزراعية رغم انها تكون عادة أفضل الأراضي.