د. طالب محمد كريم
بياع الزعرور هو ذلك الانسان المتجول، الذي يبحث ليلاً ونهاراً عن رزقه بعد ان انهارت طموحاته الاولى واحلامه الوردية. يتجول بين ازقة المدينة ودرابينها العتيقة ليعرض بضاعته على اطفال الحارة وكبارها، عسى ان يجد زبونا يشتري من معروضاته المتواضعة.
اذ يقوم احياناً ببعض ادوار الكوميديا الضاحكة ليزيد من رغبة الاطفال وزيادة المشترين.
وبعد ساعات متعبة من تجوله بين الأزقة والدرابين القديمة، وفي وسط زحمة الحياة والتفكير الذي لا ينفك عنه بتاتا، حيث يحسب مبيعاته التي لا تتجاوز الاكياس الصغيرة، وتارة اخرى يغوص بين الافكار والتحسبات البعيدة عن مشاكسات الاطفال ليجري في ذهنه الحسابات الرياضية، اذ يقوم بجمع وطررح المبالغ التي يستحصل عليها من خلال البيع، ومعرفة فيما انها يمكن لها ان تسد التزاماته العائلية والحياتية من دفع ايجار البيت والحاجات الضرورية من الطعام والشراب، ام لا، قد تكون غير كافية لسد مصروفات عدة ايام على قدر اصابع اليد الواحدة ؟ سيدي القارئ الكريم هذه هي حالة المواطن الذي ليس لديه وظيفة ثابتة يمكن منها ان يقاوم بها بعض من صعوبة الحياة وتحدياتها في بلد ديمقراطي يفترض ان تحمي حقوق المواطن والمستهلك وتنظم العلاقة بينهما وبين القطاع الخاص. حسبك ان الكثير من الموظفين قد لا تكفيهم رواتبهم الشهرية لكثرة الفواتير الشخصية والعائلية التي تحفظ للانسان بقاؤه داخل الاروقة الاجتماعية .
يقينا لا ابحث هنا عن التعريفات المسكوكة لمفهوم الدولة سواء من حيث الجذور التاريخية او الواقع المعاصر لها. بل في احيان كثيرة تنتزع التعريفات وتاخذ من الممارسات الواقعية لها، وهذا يعني ان المفهوم او المصطلح حينما يفقد وظيفته الديالكتيكية، ينتفي المفهوم او المصطلح ويفقد خاصيته التي نشأ من اجلها .
وفي يومنا هذا يتفاجا الشعب مرّة اخرى بان الدولة تُعلم الموظفين والمتقاعدين بانها لا تملك الميزانية المالية التي تمكنها ان تصرف لهم حقوقهم المالية من الرواتب الشهرية، ويعود ذلك الى انخفاض سعر برميل النفط وقلة السيولة النقدية من تعظيم الواردات. متجاهلة كل الدراسات والاقتراحات العلمية والموضوعية التي تبتكر المنافذ الجديدة من الاستثمار وانعاش الواقع الاقتصادي وتاسيس مشروع اقتصادي تنموي يمكن ان يكون نقطة بداية شروع لدولة عراقية قوية في الاقتصاد والمشاريع التنموية الاخرى في قطاع الزراعة والصناعة والاستثمار وفي ميادين متعددة من الجغرافية العراقية. لكنها للاسف لم تفلح في ان تكون اذانا صاغية وارادة حقيقية للعمل والتنفيذ
بل ارتأت ان تاخذ دور بائع الزعرور
ايها الموظفون ايتها الموظفات
ماگو فلوس دبروه بطريقتكم المعروفة على گولة احد كبار المسؤولين السابقين والحاليين الذي ينظر لسنوات من التقشف بعبارة
عودوا الى ( المحروگ اصبعه).
0 تعليقات
إرسال تعليق