وسام رشيد الغزي
 
الدولة بمفهومها القانوني تعني المسؤولية بمنظور (عادل) ونظرة منطقية تجاه مختلف قضايا البلاد، وليس أخطر من إمتلاك السلاح، فهو أداة قوة وضعف بآنٍ واحد، وبعيداً عن الخوض بأهمية الأداء الناضج و(الأمين)لسلاح الدولة، فإن هناك إلحاح متزايد للحديث (بصراحة)عن السلاح خارج القرار المركزي للدولة العراقية، بعد سبعة عشر عاماً من عمر العملية السياسية.
 
تكوين دولة المواطنة وحلم الغالبية بمؤسسات رصينة تتحكم بمفاصلها وإداراتها المهنية، يصطدم بكيان آخر (موازي)يُثبت أركانه مجموعة من المواقف السياسية، والعقائدية، التي لا تؤمن بالمفهموم (العملي، والعلمي )للدولة، أو الحدود السيادية، وحق إتخاذ قرار الحرب والسلام، داخل تلك الحدود، دون تفاهمات عالية، وتنسيق إستثنائي، خارجي ومن ثم داخلي، مع عدة جهات بعضها ليس ضمن الإطار الشرعي للقرار الوطني.
 
وهذه التفاهمات محكومة بعامل واحد هو قاعدة للإنطلاق نحو رسم سياسات مشتركة مع دولة أو دول مجاورة (أو حتى إقليمية)من جهة، ومجموعة غير قليلة من العناصر المنتظمة، والمُسلحة، المنظوية تحت عناوين مقدسة، ومحترمة لغالبية أبناء الشعب العراقي، حيث لا يكون نقدها أو التعرض لها أمراً هيّناً، خصوصاً بعد النصر على قوى الإرهاب التي إجتاحت البلاد عام 2014، حيث ساهمت جميع التشكيلات العسكرية، وخاصة التطوعية منها في تحرير البلاد وتحقيق النصر.
 
بعد ذلك فإن المسؤولية(الأخلاقية) للطبقة المثقفة، التي تساهم بصياغة الرأي العام، يتحتم عليها الحديث بكل صراحة وشفافية، عن مواطن الخلل في المشتركات الرئيسية، التي تجتمع حولها مقومات الدولة، وتتفق فيها مسارات العمل، لبناء منظومة سياسية وإقتصادية وعسكرية، قادرة على القيادة، والنهوض بأعباء تلك المسؤولية، تجاه جميع أبناء الشعب العراقي، دون تمايز عرقي أو طائفي، أو حتى مناطقي.
 
وللشروع بعملية البناء، ينبغي تحديد المسؤوليات، وتفعيل عقود تلك الشراكات المنصوص عليها بدستور الدولة، الذي شدد على وحدة القرار السيادي، وتَبني ساسيات تستند لإجماع وطني، ترتكز الى المصلحة العامة، ومستقبل الأجيال القادمة، وليس أهم بهذه المرحلة، حديث أخطر أو أهم من تفعيل شعار السيادة الوطنية بحصر السلاح بيد الدولة، السلاح الذي يفرض وجوده خارج القانون، هو أخطر ما يمر به العراق من سلسلة أزمات، تبدأ بإنتشار فايروس كورونا، ولا تنتهي بالسيطرة على السلاح خارج إرادتها.
 
 
اثبتت التجارب إن (المواجهة)لمشكلات هذا البلد وتشخيصها(بتجرد)والشروع بخلق توجه وطني، هو من ضمن أولويات الإتفاق الوطني، وهي تعني بداية حقيقية لحل تلك المشكلات، وما حدث بداية هذا الإسبوع من محاولة لأجهزة الدولة(الرسمية) بفرض سيادة القانون، رغم محدودية تلك العملية، الا إنها أشرت مزاجاً شعبياً مؤيداً لتثبيت أسباب السيادة، وبغالبية ساحقة، قد تكون دافعاً قوياً في تجديد تلك المحاولات.
 
الإجماع الوطني ضروري وأساسي حول متبنيات خطاب المقاومة والتسليح وضرب مصالح الدول على الأرض العراقية، وبحال إنعدام ذلك الإجماع(الشرعي) فعبثاً ان أي محاولة لن تأخذ مساحة في التنفيذ، بل ستسبب  شرخاً في جدار اللحمة الوطنية، وزعزعة التعايش السلمي لجميع أبناء البلد الواحد، وإن هناك خلطاً سينتج عنه مجموعة من الإجراءات المتعارضة مع مصلحة الوطن من جهة، وهواجس الجيل الناشئ، الذي ينتظر تحقيق حلم الدولة، القادرة على حفظ السيادة، والإنطلاق بنهضة عمرانية، وإقتصادية، تنقذ البلاد من التجريف التي تعرضت له على مدى عقود من الزمن الماضي.