مأمون مساد

 

رغم دهاء سياسة الكيان الاسرائيلي واقتناص المكاسب من الادارة الامريكية تجاه الصراع الاسرائيلي الا ان الإرباك أصاب رئيس كيان حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو في كل خطواته المتعلقة بالصفقة والضم والابتلاع والسرقة التي احتفل بها في حديقة البيت الابيض في كانون الثاني الماضي، ويبدو ان غروره سيؤدي به - كما كتبت اكثر من مرة ـ الى نهاية سياسية له قد تسبق او تترافق مع ادارة ترامب، خصوصا ان الغرور دفعهما لخسارة قوى دولية واوروبية، وجعلت منهما خصمين لدودين.


انتزاع سيادة الاراضي الفلسطينية من جانب واحد لم يكن المفتاح المناسب لترامب ونتنياهو لكي يعبرا من الازمات التي يعانيان منها، ولعل شاهد الائتلاف الهش بعد ثلاث انتخابات اسرائيلية اوصل رسالة الى الولايات المتحدة الامريكية بعدم الثقة في نتنياهو للمضي في عملية السرقة المفضوحة لاراضي الاغوار، وامام عجزه عن تحقيق التوافق عاد ليطلق صرخات الحل واجراء انتخابات جديدة، قد تحمل في طياتها خسارة مدوية له ولحزبه تخرجه من المشهد السياسي الى ساحة المحاكمات على فساده والرشاوى المتهم بها مع عائلته بعد محاكمة حزبه له.

 

المظاهرات التي خرجت في الولايات المتحدة الأمريكية بعد مقتل جورج فلويد لا تختلف عن المظاهرات التي تخرج في اسرائيل اليوم، وان كان السبب المباشر لكليهما التمييز العنصري وفشل التعاطي مع كورونا، الا ان الاسباب غير المباشرة والمتراكمة هي غياب الثقة بترامب ونتنياهو لدى الشارعين الامريكي والاسرائيلي، ولعل استطلاع الرأي الذي اجرته القناة 13 الاسرائيلية يعطي مؤشرات ما اذهب له في هذه القراءة التحليلية، اذ قالت القناة الإسرائيلية إن «رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يدفع ثمناً شخصياً لمؤشر الرضا عن أدائه المتراجع، مقابل عودة انتشار الفيروس والأزمة الاقتصادية»، إذ يشير الاستطلاع إلى أن «61 ٪ قالوا إنهم غير راضين عن إدارة أزمة كورونا برئاسته، و19 ٪ راضون»، فيما تبين من الاستطلاع أيضاً، ووفق «القناة 13»، أنه «لو جرت الانتخابات اليوم، سيحصل الليكود على 33 مقعدا مقابل 36 في الانتخابات التي جرت في آذار/ مارس».

 

وبحسب الاستطلاع، الذي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» ومعهد «سيينا كوليدج» للأبحاث حزيران الماضي، فإن المرشح الديمقراطي، جو بايدن، يتقدم بفارق 14 نقطة، حيث حصل على 50 ٪ من الأصوات، فيما حصل ترامب على 36 ٪ فقط من الأصوات، وأوضحت الصحيفة أن ترامب فقد أصوات شريحة واسعة من الناخبين، على خلفية تعامله مع أزمة وباء كورونا، وانعكاساتها الاقتصادية، وكذلك موقفه من الأحداث الأخيرة التي أعقبت وفاة المواطن الأمريكي من ذوي البشرة السمراء، جورج فلويد، على يد شرطي أمريكي أبيض.

 

أخطأ نتنياهو في تقدير رهاناته في اللعبة السياسية القذرة ومحاولة سرقة اراض فلسطينية وجعلت الانتخابات الأخيرة اخر فرص ان يبقى حاضرا في المشهد، كما يخطىء ترامب يوميا في سياساته الداخلية والخارجية، وكأنني بالنار تأكل بعضها بعضا.