فائزة محمد علي فدعم
اتصلت قريبتي ام مصطفى (خجة جاسم دبدب) من رومانيا وبعد حديث شيِّق تذكرت بيتنا مادحةً وبعد يوم من تلك المكالمة المليئة بالحب ارسلت جارتنا العزيزة الست ساهرة شاكر العبيدي زوجة السيد ظافر المتولي وهي حاليا في كندا صورة وسلام
هيجت مشاعري واعادتني الى الماضي سنين طوال . وهذه القصة هي جزء من تاريخ مدينتنا التي تدور احداثها في خمسينيات القرن الماضي حيث كنت صغيرة .
اراد والدي بناء دار جديدة لأن بيتنا الذي كان مقابل جامع الشابندر لم يعد يسعنا وفي نفس الوقت كانت لنا دور عديدة تطل على نهر خريسان او على الشارع العام وجميعها متراصفة الواحد جنب الاخر لأنها متصلة بقطعة فارغة و( بقجة . وتعني بستان صغيرة ) فذهب الوالد لاستحصال اجازة البناء من الدائرة المسؤولة وقابل الموظف المختص فقال له اعتذر لان الارض محجوزة من قبل السيد نجيب الربيعي الذي كان على ما اظن قائد الفرقة السادسة في معسكر سعد آنذاك ويروم بناء دار للضباط عليها والذي اصبح بعد سنوات رئيسا للجمهورية ...
اغضب هذا الامر والدي للغاية فراح يضرب اخماساً بأسداس . ولكن جاء الحل من والدتي فقد كانت لنا دار مؤجرة في (الدربونة) التي تقابل بيت بندر . تسكنه عائلة ابو غازي وفيصل بابان وكانت لوالدة غازي اخت تسكن منطقة الوزيرية في بغداد مقابل بيت الطبيب اسماعيل حسن التتار بالقرب من جامع العمري الذين رأيت الطاووس في بيتهم لأول مرة في حياتي وهو يفرش ذيله متباهيا بألوانه الزاهية لأنني رافقتهم عندما سافروا الى العاصمة كوني لا استطيع الاستغناء عن والدتي ومتعلقة بها جدا .
نوقش موضوع الدار هناك فقالت ام كيلان لوالدتي (اخت ام غازي) استطيع ان اوصلك الى بيت السيد حسين مكي خماس فزوجته ام علاء صديقتي للتوسط لكم من اجل مقابلة الوصي عبدالاله . وفعلآ ذهبنا في اليوم الثاني الى بيتها واستقبلتنا وكانت امرأة هادئة رائعة رقيقة ومؤدبة تخدم ضيوفها بنفسها رغم مكانة ومنصب زوجها المهم . كانت حديقة الدار كبيرة من اربعة اضلاع مليئة بالورود وقد وعدتنا خيرا وعدنا شاكرين ...
وفت ام علاء بوعدها وحان موعد المقابلة مع الوصي بعد عدة ايام وكان الوقت قبيل الظهر حيث ادخلنا العسكري الى غرفة وبعد برهة دخل الوصي والقى التحية فوقفت والدتي وحين رايتها وقفت مثلها وكان ابيض الوجه طويل القامة يرتدي ملابس جميلة وانيقة وربَّت على خدي والقى التحية وسألني عن اسمي فأجبته : فائزة . فقال : بسرعة ان شاء الله فائزة ...
ثم سردت والدتي له القصة وقالت له : هل ترضى وانت الشريف ابن الاشراف بوجود نادي للضباط وسط الاهالي واهل بعقوبة الذين لن يستطيعوا الدخول او الخروج ونشر الملابس في السطوح خصوصا النساء وكانت والدتي امية لاتقرأ ولا تكتب لكنها كانت متكلمة بارعة تنتقي مفرداتها بذكاء ...
فقال : المطلوب ؟
فردت عليه : اريد اجازة لبناء البيت
فسلمها ورقة الموافقة فورا
وتبسم وقال (من باجر ابنوا البيت)
عدنا مسرورين من كرم بيت السيد ابو كيلان وبيت السيد حسين مكي خماس وشدة تقدير الوصي وأرسل والدي امره ورسالته الى السيد نجيب بإلغاء فكرة بناء دار الضباط وبنينا دارنا التي كانت حينها الاجمل ولها مدخلان . الاولى على الشارع العام والثاني على الشط ...
0 تعليقات
إرسال تعليق