ابراهيم المحجوب


مقولة قديمة نسمعها دوماً وتمر علينا يومياً بتفاصيلها الدقيقة دون أن نتطرق الى مفردات معانيها لانها اصبحت على نطاق واسع ضمن حياتنا اليومية.. 
أحيانا يكتم اصواتنا الخجل من التشخيص لحالة خاصة مرت وفق معايير هذه المقولة فنذهب الى كتابة التشخيص العام ونحن بدراية تامة للتشخيص الخاص ولكن بدافع الحياء وعدم تجريح مشاعر الآخرين ولكي نعطي مساحة أكبر للجميع لمراجعة الانفس وتصحيح ربما جزء بسيط من المسار رغم ان القسم وربما الاكبر هم من الذين قيل عنهم صماً بكماً عمياً لايفقهون. ولكن أحياناً وربما اوقات وامور كثيرة يتوجب علينا التذكير بها وارى من الواجب على الجميع قراءتها وتشخيص الخلل حتى لانصل الى مشاكل مجتمعية تؤدي أحياناً الى تفكك اسري..او الابتعاد من صلة الرحم... 
ان مقولة الاب حرث وجاع.. تعني الكثير والكثير جداً في عالمنا اليوم وربما في كل زمان ومكان ولكن الواقع اليومي يتطلب شرح تفصيلي لمعاني تضحية انسانية يدفع ثمنها الآباء يوميا في عصرنا هذا زمن المتطلبات الالكترونية الكثيرة وزمن الاكلات السريعة وزمن تبديل الملابس شهريا وصعودا الى آخر موديل من الموبايلات والحاسبات والسيارات الحديثة...
وهنا لايفوتني ان اذكر ان شخصية الاب في غيابه ستتولاها الام او الاخ الكبير وهنا ينطبق عليه تلبية كل طلبات الابناء المدللين والذين اصبحوا شبه عالة على المجتمع..... 
لقد تغير في عالمنا اليوم الليل والنهار بالنسبة للكثير من العوائل العراقية مع الاسف الشديد فالاغلبية اليوم تنام النهار وتسهر الليل. واصبحت الجلوس مبكرا حالات استثنائية لاتشمل الا اصحاب العمل الوظيفي فقط.. 
واصبحت طلبات الابناء تعجيزية على ارباب الاسر من ذويهم. فالاب اليوم يعيش حالة اشبه باليأس امام طلبات الابناء. فاغلب عوائل اليوم تعيش على راتب ذو دخل محدود سواءً كانوا في القطاع الوظيفي او من المتقاعدين وعندما يستلم الاب راتبه الشهري يجد نفسه مضطراً لتسديد اقساط مؤسسات إستهلاكية ماموجدت لخدمة الإنسان وانما للدفع فوق طاقته وكل هذا الاقساط اما شراء اجهزة كهربائية اصبح استهلاكها كثيرا نتيجةً لتوفرها في الاسواق وبيعها بالتقسيط واصبحت بيد الاطفال وعدم المحافظة عليها.. اوشراء هواتف نقالة يصل اسعارها فوق المليون دينار أحياناً لارضاء فرد من الاسرة ليس من الضرورة شرائه. كل هذه التبعات اضافة الى طلبات بعض ربات الاسر من تغيير دائمي بالاثاث المنزلي او طلبات العائلة من تغيير السيارة لمجرد منافسة الجيران او احد الاقارب كونه يمتلك نفس النوعية... كل هذه الامور المعاشية تحدث في عوائلنا جميعاً ونحن لانعرف ونتناسى عواقب الزمن واغلبنا اصبح يعاني من الديون ولايملك في بيته اي مبلغ مالي كرصيد طوارىء إحتياطي يحتاجه لاسامح الله عند الطوارئ وخاصة نحن في العراق نعيش ازمات دوماً تتوجب علينا مراجعة حساباتنا كل فترة زمنية.... والظاهرة الجديدة مانسمع به من استلام بعض العوائل لما يسمى بالفروقات او رواتب متراكمة وهنا تأتي تكملة المقولة والابن ورث وباع حيث نجد اغلب الاباء ومن باب محبته لعائلته يضع امامهم هذا المبلغ الذي هو بالاساس رصيد احتياطي له ويقوم احد الابناء بشراء ربما سيارة من النوع والموديل الحديث ودون معرفة بالمحافظة او الحرص عليها تشاهده يسير بها وكأنه سارقها ولم يدفع ثمنها مكافأة خدمة ذلك الاب الصابر والذي خرج من عمله الوظيفي لوصوله مرحلة الشيخوخة.. ومانسمع من حوادث سيارات يوميا هذا احد اسبابها....فشباب اليوم للاسف اصبحوا لايعرفون ماذا يفعلون بسبب البطالة الدائمة وسهر الليل والالعاب الإلكترونية والنركيلة التي اصبحت ملازمة للبيوت والصداقات الخارجة عن الاعراف والقوانين.... 
وللاسف وجدت ان مقولة الاب حرث وجاع والابن ورث وباع نعيشها اليوم والاب بعده على قيد الحياة وهنا اقول ان كلامي هذا ينطبق على القطاع الخاص ايضا فاغلب الابناء الذين يعملون اباءهم في القطاع الخاص
يمارسون حياتهم بنفس ماذكرناه سلفاً والامر لله.... 
اللهم اصلح لنا حالنا في ديننا ودنيانا