ثائرة أكرم العكيدي

 

الحكومة والبرلمان والنخب السياسية  ورجال الدين ومنذ ٢٠٠٣ ولغاية اليوم  كانوا مستعدين دائما في كل عام وفي مثل هذا الوقت من السنة يمارسون هذا  الخداع الجماعي، بشكل يقرب من الشيزوفرينيا، للحد الذي يذهل المتابع من شدة تطرفهم بين النموذجين.. الدعوة للحق، نظريا، ولمنع الحق عمليا...

 رؤس كبار يقيمون مجالس عزاء ياللسخرية يقتلون الشعب ظلما وجوعا وفقرا وطغيانا ويلطمون ويبكون على الحسين ..

بحثت لتفسير الضحكة، وماذا كتب الكتاب والمفكرون والفلاسفة  فلم اجد ضحكه ملعونه وداهيه كضحكة السياسيبن العراقيين على ذقون الفقراء والمساكين .. فرفقاً بأنفسكم يا زعماء العراق ، ورفقا بمشاعر الناس التي منحتكم الثقة ورحتم توزعون الادوار ، فانتم ليس الا ممثلين على مسرح الدولة ، ستنتهي صلاحيتكم بعد حين ، فلا ايران بكل امتدادها ، ولا برامجكم السياسية تغفر لكم اخطاؤكم الجسيمة هذه ، اتقوا الله في هذه الجماهير الملايينية التي اعتقدت بانكم فعلا جئتم من اجلها  ، وهي في الحقيقة التي يعرفها القاصي والداني ، انكم استسلمتم في السنوات الاخيرة في معاقل الكفاح لايران وامريكا والشعب المظلوم هو من يدفع ثمن مباغتاتكم وصفقاتكم..

نفاق ودجل البعض من ساسة المجتمع بإسم الحسين عليه السلام ومن ياترى يغير البعض من هذه الرؤوس العفنة وهي تمسك بيد من حديد في السلطة. لذلك وفي بداية شهر محرم وذكرى ثورة الإمام الحسين ع تنطلق الشعارات الكاذبة والافعال المزيفة لنجعل منها منطلق وتصحيح الكثير…. هيهات منا الذلة على أرض الواقع وليس رفع الشعارات فقط ولنتعلم من الحسين ع كيف نكون احرار ولا نركع لأحد وهذا هو من صميم عمل الثوار وهذا هو الكلام المنطقي الصحيح لو سرنا كما سار الامام الحسين لما حدث اليوم سرقات واختلاسات ونهب الثروات من قبل الساسة وكلهم يلطمون في عاشوراء ليس من المنطق والصحيح ان يأخذ الاف المسؤولون عشرات الملايين شهريا والفقير والمحروم ولا قرش اين العدالة واين الحقوق وكل الدولة الحكام فيها شيعة ومن حزب الدعوة الحاكم وبقية الاحزاب الاسلامية ويدعون انتمائهم الى ولاية امير المؤمنين علي ع ، كل يوم حرب يختلفون الساسة فيما بينهم وتسقط محافظات البلاد وتزهق الارواح وتهدر الثروات  لا وجود للعدالة في توزيع الثروات وحين تطالب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بزيادة نسبة التخصيصات المالية تتفاجأ بقضم المبلغ المخصص لها وهذه استهانة ببقية افراد الشعب وخصوصا الفقراء والمعدمين والمعاقين وغيرهم الكثير والمحرومين ويا مكثرهم وبالملايين ، لاوجود للاصلاح والاعمار مشاريع التنمية متوقفة نسبة الرسوب في مدارس الإعدادية والكليات الحكومية عالية جدا والحمد الله كل مسؤول يسرق ويحاكم صوريا ثم يهرب  ثارات الحسين شعار  يستغله بعض الساسة الفاشلين حين خرج الامام للقتال مكتوبٌ على الراية التي يرفعها عند خروجه, (يا ثارات الحسين) . فما المقصود بهذا الشعار  ليس المقصود بثارات الحسين ثارات شخصية أو ثارات إنتقامية أو ثارات دموية , ليس الحسين ثأراً شخصيا و ليس الحسين ثأراً قبليا و ليس الحسين ثأراً طائفياً , كما يحاول بعض النواصب أن يقوقع حركة الحسين في الطائفة الأمامية , بل هو للعالم اجمع او ما يتحدث به ساسة اليوم من عدالة مزيفة وفقر وحرمان وخيانة وغير ذلك الكثير ليس الحسين شخص و لا قبيلة و لا طائفة و لا عرق , الحسين حركة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر, وهذه الحركة القرآنية (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) هذا هو المقصود (يا ثارات الحسين) أي يا لأهداف الحسين , و يا لمبادئ الحسين التي نادى الحسين و ضحى و بذل النفس و النفيس من أجلها . قال الإمام الحسين (أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَ لَا بَطِراً وَ لَا مُفْسِداً وَ لَا ظَالِماً ، وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمةِ جَدِي ( صلى الله عليه و آله ) ، أُرِيدُ أَنْ آمر  بِالمَعروفِ ، وَ أَنْهى عن الْمُنكرِ ، وَ أَسِير بِسِيرَةِ جَدي وَ أَبِي‏ علي بن  ابي طالب ( عليه السَّلام ) فمن قبلني  بقبولِ كالحقِ فَاللَه أَولى بالحقِ ، ومن رَد عَلَيَّ هذا اصبر  حتى يقضي  اللَّهُ بيني وبين  القوم بالحق  وهو خي  الحاكمين  ) . فأهل البيت ع تلسلام  والرحمة, لم يكن هدفهم أبدا استعباد الناس و لا قتلهم بالسيف و لا تشريد ..تبا لكل من غدر بالامام الحسين (ع) وانتم سلالتهم ، الكل من تلك القوائم يريد تحقيق مصالحه قدر المستطاع غير آبه بحال الشعب العراقي العظيم الذي ينظر الى الموقف المآساوي بدرامية ويضحك على نفسه جراء انانيو السياسة الجدد .. الذين يتقاسمون الغنائم الوزارية ويتدافعون كالاطفال على قطعة الحلوى .. اين انتم من اقوال ائمتكم ان كنتم ما زلتم تتذكرونهم ، ائمتكم (ع) ذهبتم تروجون بالثارات لهم .. اين انتم من سلوك علي بن ابي طالب (ع) وهو يكره الرئاسة والزعامة ولا يريد حتى ان يستبدلها بفردة نعله او لا تساوي عنده غير نهقة حمار .... يبدو ان طمع الكراسي وبريقها يعمي العيون ويحرف القلوب عن مساراتها لحب ال البيت (ع) ..

شهد التاريخ حروباً كثيرة كان الهدف منها الوصول إلى العرش على سلّم من الدم، وتحت شعارات سميت دينية، ولكنها في حقيقة الأمر أقرب ما تكون إلى روح قبائل العرب قبل الإسلام، التي كانت تصرخ عندما تنطلق في معارك ضد بعضها يا لثارات فلان وكما هتف المهلهل بن ربيعة يا لثارات كليب وخاض حرباً مجنونة أكلت الأخضر واليابس، قبل الإسلام، فإن المختار رفع الشعار ذاته لكن مع وضع اسم الحسين مكان اسم كليب، ليُخرج الشعار في صيغة دينية، يستطيع بها التستر على هدفه في التحشيد والتجنيد لحربه التي كان يأمل من خلالها تأسيس دولته في العراق. ولو كُتب للمختار الثقفي أن يصل إلى هدفه، لربما نكَّل بأولئك الذين قال إنه ثار من أجل أن يعيد الحق إليهم، تماماً كما فعل أبوالعباس السفاح، الذي قتل الكثير من العلويين، رغم أن الثورة العباسية كانت ترفع في دعايتها السياسية الدفاع عن مظلومية العلويين ضد الأمويين.

واليوم يُستعمل اسم الحسين لغرض إثارة الأحقاد التاريخية، وتتهدج أصوات منشدي “الروضات الحسينية”، لدغدغة مشاعر الجمهور، واستثمار محبة الناس للحسين، ثم بعد ذلك يوجه هذا الشحن العاطفي، لمزيد من سفك الدماء في بلاد . إن الطريقة التي يجري بها تذكر الحسين، والدعوة إلى الثأر له رغم أن المختار ثأر له من قبل بقتل كل قتلته، هذه الطريقة لا تعني إلا سفك المزيد من الدم باسم الحسين، واستهداف من يسميهم المستفيدون من مأساة الحسين بـمعسكر يزيد وشغل الشعوب بالحروب عن واقعها المرير.

لن يخرج المسلمون من سلسلة الحروب الطائفية المتوالية، إلا إذا استفادوا من تجربة الحسين بطريقة أخرى، غير تلك التي تشحن بها العواطف، ثم توجه للنيل من النقيض الطائفي الذي لا يتحمل أي مسؤولية عن مقتل الحسين. لن يتم التخلص من تلك الحروب الكريهة إلا إذا تم التوقف عن الاستثمار في دم الحسين لتحقيق مكاسب سياسية، لأحزاب يكتشف الناس حجم فسادها وعدم أهليتها الدينية والسياسية، عندما تصل إلى السلطة باسم الحسين ودمه. على المسلمين اليوم أن يتجاوزوا مأساة كربلاء، لأنه ثبت بالتجربة أن عدم تجاوزها يعني أن تتحول كل مدنهم- بشكل أو بآخر- إلى كربلاء، وعليهم أن يدركو أن تذكر كربلاء بالطريقة الحالية ليس أكثر من مناسبة لصب الزيت على النار، ولهم أن يتساءلوا: لماذا شُنَّتْ كل الحروب التي كانت باسم الحسين، ضد المسلمين عبر تاريخهم كله أليس غريباً أن كل الحروب التي  رفعت شعار يا لثارات الحسين كانت عبر التاريخ حروباً بين المسلمين أنفسهم..

خلاصة القول :كيف يمكن أن يصان الدين وتُصان وحدة الثقافة ووحدة الحضارة إذا لم تُصَن وحدة الأرض ووحدة الشعب قضايا التحرّر والهُويّة القومية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الظلم أينما كان وكيفما كان، هي كلها قضايا إنسانية عامة لا ترتبط بمنهج فكري محدّد ولادين اومذهب معين ...