علي السوداني


مِفتاحٌ أوَّل


وَساعةَ ماتتْ سَنابلُ الحنطةِ المشتولةِ بِكَفَّيْهِ ، صارت الطيرُ تأكلُ مِنْ لَحْمِهِ .


مفتاحٌ ثانٍ


أُكلْكِلُ جسمي فوقَهُمْ وكأنّني

أُقَسِّمُ فيهمْ بعضَ عروةَ والنبيّْ


مفتاحٌ ثالثٌ


وفي روايةٍ غيرِ مجروحةٍ ، تداولتْها الرعيةُ بدهشةٍ وذهول ، فقد نبَتَتْ للكراسي وجوهٌ تتعجَّب ، وأكفٌّ تصفِّقُ وترفرفُ ، مثل رايةِ نصرٍ مبين .
وقَعَ هذا بعدَ أنْ هربَت الجمهرةُ ، من لسعات الكلام الذي كادَ أنْ يصيرَ سِحْراً .


مفتاحٌ رابعٌ


قالوا لنسَوّرَهُ بالوَحشةِ وقلّةِ الزادِ وشحِّ المُرادِ حتى يسكتَ عَنّا . 

قيلَ : هوَ أَعلمُ بما تبيِّتونَ وما تَصنَعون .  


مفتاحٌ خامسٌ 


البارحةَ ، سقطَ تحت مائدتي المرتبكة ، سطرٌ يتيمٌ من الكلامِ المُبين .
الليلةَ اشتهيتُ أنْ أُعلّقهُ ، مصلوباً على بابِ السماء :

لَو نَزَلَ بعضُ حزنيَ فوقَ جَبَلٍ ، لَناخَتْ جلاميدُهُ وسجَدَتْ وصارَتْ رماداً تنفَخهُ الرِّياح .


مفتاحٌ سادسٌ


نمتُ فحلمتُ بأنني أرتفعُ فوقَ كُثيبٍ صغيرٍ ، وأخطبُ بالناسِ هادئاً متيقّناً راسخاً على طولي :
أيّها الناسُ ، إنْ رأيتم ظلّاً عملاقاً يغطّي عينَ الشمسِ ويصيّر النهارَ ليلاً أبدياً ، فاعلموا أنني في الجوار .

مفتاحٌ سابعٌ 


قلتُ لهُ أنتَ صديقي ، فرقَصَ وتخبَّلَ وظنَّ أنهُ مثيلي .


مفتاحٌ ثامنٌ


كانَ المساءُ مَهيباً ،

مثْلَ دعاءِ أُمٍّ نائمٍ بجيبِ شهيد .


مفتاحٌ تاسعٌ


ليسَ للكفنِ جَيْب دنانير .


مفتاحٌ عاشرٌ


يابسٌ مساءُ الزقاقِ ، كأنَّهُ سُعالُ صيفٍ حار .


المفتاحُ الأخير 


بلادي العزيزة

أتوسّلُ إليك أن تموتي الآن وتستريحي . سنصنع لك نصباً عظيماً ونعلّق على أستاره أجمل المرثيات ، ونشقُّ تحتهُ نهر دموع ، وقبل أن تدور عليكِ دورةُ سنة الرحيل ، سنكون قد خلعناك من ذاكرتنا ولم نعد نشعر بالأسى والفقد الكبير ، أو الحاجة الملحّة لأناشيد وطنية جديدة !!