د. فاتح عبدالسلام


منذ سنوات بعيدة، كنّا ندعو في نفس مكان هذه السطور، كلّما سنحت الفرصة، الى قانون يمنع ويجرم الفعل الطائفي في سياقات عمل الدولة العراقية وعموم الحياة الاجتماعية، بالرغم من علمنا أنّ الكيان السياسي العام يقوم على الطائفية. وكانت الامور تتجه بتسهيل من حكومات اعتاشت على منتجات طائفية نحو الأسوأ دائماً . وعانت المؤسسات العسكرية والأمنية من التمييز الطائفي عملياً بدفع من السياسيين، في حين انَّ هناك قيادات عسكرية عراقية وطنية كثيرة تعمل وتضحي في سبيل العراق ولا تلتفت إلى المستنقع الطائفي الذي كان يغذيه السياسيون بالطفيليات والطحالب .
وقد أثبت العراقيون في مناسبات عدة، ومنها انتفاضة تشرين المباركة، أنَّهم شعب فوق الطائفية بل أنَّ من محرّكات الانتفاضة الجوهرية هو اعلاء اسم العراق ونبذ الانقسام والتمييز العرقي والمذهبي .
في أية دولة أخرى، من الممكن أن يُحال زعماء سياسيون الى المحاكم لأنَّهم أرسوا قواعد التوظيف الطائفي وسلكوا مسالك الانحياز والتفرقة، بما يضعف من تلاحم العراقيين،وخاصةً في الازمات والنكبات والحروب .
اليوم نسمع قراراً مهماً من رئيس الحكومة يمنع بموجبه أن تتضمن استمارة التقديم للقبول في الكلية العسكرية أية اشارة للمذهب الطائفي، تلك الفقرة المعيبة التي دسّها سياسيون من شذّاذ الآفاق في جسم الدولة. لكنّ ذلك لايكفي والبلد ليس كليّات عسكرية فقط، كما أنّه لا توجد ضمانات كافية في عدم الغاء هذا القرار من رئيس حكومة جديد يأتي بعد سنة ونصف السنة، والبلد يعيش هذه الرّجة والتخبط وتبادل المصالح وصفقات الكواليس السرية.
إنّ الأفضل والأضمن أن يتصدّى البرلمان العراقي ويناقش قانون تجريم الطائفية مستنداً الى مواد دستورية لم تجد لها صدى في التطبيق. لعلّ هذا القانون بات حلم المستضعفين وهم الاغلبية الساحقة لعموم العراقيين من البصرة إلى النجف إلى الموصل إلى زاخو.