فائزة محمد علي فدعم


كان والدي الحاج محمد علي من الذين يعشقون السفر الى الاستانة (تركيا حالياً ) كما يسميها ابي لأن ثقافته وجميع شهادته من دراسته التركية كانت تحمل كلمة (عافرم) بمعنى ممتاز . وهي عبارة عن اوراق وردية اللون مبرومة ومربرطة بشريط . 
وفي احدى جولاته ذهب الى منطقة تدعى (الاسكندرونة) واخرى كان يحبها جدا يطلق عليها (سعرت) فتعرف على عائلة هناك منها اشتقت تسمية ( الزعرتية . مفردها زعرتي ) وقد سهل الله لرجلين من هذه المدينة المجيء الى بعقوبة وهما الحاج عبد الرزاق وابنه الحاج عبدالوهاب وفي حينها كان والدي يمتلك فندقاً في منطقة العلاوي في بعقوبة كانوا يسكنوه عند مجيئهم في اشهر حزيران وتموز وآب من كل عام ويرحلون في منتصف ايلول وهذا الوقت يسمى بالموسم .
 امتدت سمعتهما الطيبة في الاربعينات والخمسينات وفي ذاك الوقت كانت مهنتهم مربحة لان اهالي بعقوبة ينتظروهم من العام الى العام الاخر ولشدة حبهم للمدينة واهلها تعلقوا بنا وكنا نودهم ونشتاق لرؤيتهم ... كانوا يجلبون معهم الهدايا ومنها البطانيات (المرعز) والحلقوم ابو الفستق والبندق الاخضر الجديد المربوط بخيوط طويلة نعلقها في السرداب حتى تجف وكان في بعض السنين يصادف وجودهم اثناء شهر رمضان الكريم حيث يكونوا ضيوفنا على الافطار كل يوم . وخالي غناوي رحمه الله والد (اخي عبدالودود غناوي) يذهب اليهم بالطعام للفندق ...
يقضون ايام رمضان كلها في صلاة التراويح ويذهبون ليلآ للفندق للمبيت وحينما يراهم حارس المنطقة يصفر عليهم وهم يضحكون لأن الانارة في الشوارع كانت قليلة ... وفي اواخر الخمسينات كثر ممارسي الختان للاولاد لامجال لذكرهم لانهم كثيرون فعادوا الى ديارهم ولكنهم استمروا بمراسلة والدي حتى توفاهم الله ... كانت ايامهم جميلة ...
كان الفقراء الذين لايستطيعوا دفع النقود يكون ختان اولادهم مجاناً والزي الذي يرتديه الزعرتي هو السروال العريض والقميص الفضفاض ويلفون على رأسهم غترة بيضاء مطرزة بخيوط صفراء ذهبية وكانوا من افضل الناس دينآ وخُلقآ لايفوتهم فرض مُطلقآ