د. فاتح عبدالسلام


بداية أي تغيير اداري تبدأ بتعيينات جديدة وازاحة الطبقة المتكلسة لطول بقائها في المناصب الراكدة. لكن القصة لا تنتهي عند مجيء وجه جديد في بعض المؤسسات في ظل نظام اداري متهالك، لا تجمعه برامج عمل نظامية موحّدة وتغلب الاجتهادات الفردية على سماته العامة وتتحكم في تسيير شؤونه. والنظام الاداري الجديد يبدأ من الخطوة الاولى في تعامل ادارات الحكومة مع المواطن الذي لا يراجع دائرة معينة وإلا كان في موضع الاتهام حتى يثبت هويته بعدد من الوثائق تختلف عن متطلبات دائرة أخرى. ضاعت سنوات طويلة ولا أحد يهتم بالجانب الاداري للمواطن، وهنا القصد ينصب على العلاقة بين المواطنين والدوائر الحكومية في الشؤون اليومية والمراجعات العامة. ليست عملية صعبة ادخال أسماء عدد نفوس العراق في الحواسيب الموزعة في جميع المدن العراقية والسفارات بالخارج، وليس ذلك سرّاً من أسرار الدولة التي لم يبق فيها سر أمام عدو أو صديق، منذ أن شرع الحاكم الامريكي بول بريمر يعيّن مستشاريه في الوزارات الاولى التي تشكلت وكانت عبارة عن أوكار فساد قذرة وبعضها كان ملوثاً بالدماء أيضاً. ولنقل أنّها صفحة سيئة وطويت، لكن لا يجوز تكرار بعض سطورها بين الحين والآخر لاسيما عند كُلّ تغيير وزاري في البلد .

المسؤول الجديد يحتاج الى سياقات عمل جديدة ، بل انَّ الحكومة الجديدة برمتها تحتاح الى نظام سياسي جديد يحتضنها ويفتح لها سبل الانتاج والعمل واعادة البناء والاعمار وبسط الأمن والعدالة في تطبيق القوانين على الجميع من دون تمييز.

حتى هذه الساعة، لم ينتقل البلد على طريق التعيينات الجديدة في المناصب من حالة الى حالة مغايرة، لذلك لا يمكن التعويل على نتائج كبيرة، وليكن سقف التفاؤل واطئاً، بدل التعلق بأوهام ، ولأخففها وأقول بأحلام ، في بلد الواقع المتصدع والمروّع في بعض مفاصله ومساراته الحكومية وطرائق التفكير السارية فيه .