هويدا دويدار



إن التطرف هو إصدار أفعال غير مقبولة من المجتمع والمغالاة في أحد الأمور والابتعاد عن الاعتدال والوسطية ومجاوزة الحدود بالتعصب لأمر ما متبنياً فرضه على الأخرين بكل الوسائل بشكل مندفع حتى وإن كان بالعنف.
إن الدين الإسلامي دين معروف بالوسطية والاعتدال
والسماحة وتقبل الآخرين
ورفض رفضا قطعيا العنف والإجبار عليه إنما كان يلجأ أئمة الدعوة إلى الإقناع وما زال الأمر كذلك حتى اليوم

ومظاهر التطرف ماهي إلا مرض يستقبله النفوس الضعيفة حيث أنه يجد فيها مأواه..
إلا أننا يجب أن ننوه أن المتطرف ليس شريرا بطبعه فهو في الكثير من الأحيان يتمتع بأفكار نبيلة يعتقد في قدسيتها.
ولكن بسبب ضعف الشخصية وسهولة التأثير عليها يصدق كل ما يسمع فهو سهل الانقياد والخضوع وخاصة إذا تغلفت تلك الأفكار بنوازع دينية ودعوية تناسب معتقداته فيجد التطرف سبيلا للتوغل في تلك الأنفس ويحارب للبقاء كالخلايا السرطانية.
فهؤلاء ما يرون أنفسهم على صواب دائم وخاصة أن ما يدعون إليه مغلفا بدافع القداسة التي لا تقبل التحليل ويروض عقله على ذلك
وخاصة إذا كان من يدعو يتمتع بدرجات علمية متميزة
فالتميز العلمي لا يرتبط أبداً
بقوة الشخصية واكتسابها للخبرات بالعكس فيمكن أن يكون الاعتكاف وتخصيص النفس لكسب العلم وبالا على أصحابها لافتقادهم لبعض التفاعلات الحياتية وكثيرا ما تنقصهم الشجاعة لإبداء الرأي
فيسهل انقيادهم
ولدينا الكثير من الشخصيات المعروفة التي تبنت فكرا مغلفا بطابع ديني والظاهر هو الأفكار النبيلة ثم وجدوا أنفسهم متورطين في التخريب والقتل
وعدم تقبل الآخرين عند الاختلاف فأصبح الأمر مهلك يشيع الفوضى..
فقد ارتبط الفكر بمعتقدات الأشخاص وأعطاهم هوية غير مقبولة.
كجماعة الإخوان مثلا
فقد استطاعت استقطاب العديد ممن تبنوا أفكارها المغلفة بالطابع الإسلامي
ثم منهم من استمر ومنهم من انشق عنهم مع تكشف الحقائق
وادراكهم أن الهدف سيأسى وليس دعوى.
ونجد هنا أن الاستمرار بالانتماء لتلك الجماعة هو لتحقيق مآرب شخصية وسياسية
وأحيانا مادية حيث أن الجانب المادي ممول من جهات بعينها
والاستمرار فيه الاستفادة المادية بغض النظر عن مصالح الأوطان.
وقد خلفت تلك الجماعة الكثير من الخسائر للمجتمعات
ولم تراعى الاختلاف الذي في الأصل هو من طبيعة الأنفس البشرية.
فالدعوة إلى الدين والتوسع فيه ليس له علاقة بالسياسة أبداً فهما شتان
والتحدث باسم الدين تشدق به الكثيرين متخذين أساليب عنيفة للدعوة مما أعطى عن الدين انطباع سيئ في الكثير من المجتمعات وارتبط الإرهاب بالدين!!!
فهو تشويه للصورة الإسلامية والمسلمين والصد عن سبيل الله وتنفير الناس عن الدخول في دينه الذي أنزل رحمة للعالمين

فالدين دين المسالمة والقرآن والدستور المتوازن وزوال الدنيا أهون من قتل إنسان
قال تعالى (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)
بل جعل الله قتل النفس بغير الحق كقتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا
ومن يقتل النفوس المعصومة بغير الحق ويزعم أنه يريد الإصلاح في الأرض ونصرة الدين وإنكار المنكر وتهييب أهل المعاصي فإنه كاذب في دعواه ومن المفسدين الظالمين
قال رسول الله (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاما
وإذا كان هذا الوعيد الشديد في قتل المعاهدين والذميين والمستأمنين. فكيف بالقتل المتعمد ...فلا يجوز قتلهم حتى وإن كانت حالة حرب محتدمة بين المسلمين والكفار المحاربين بإجماع العلماء فهو مظلمة من أكبر المظالم

لذلك فتلك الخلايا حتى وإن امتدت وتوغلت فهي زرع شيطانى لن تستمر طويلا فستقتلع من جزورها وتلفظها المجتمعات